للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

ــ

بأحدهما كان مخيراً بين السجود قبل السلام وبعده من غير فرق بين الزيادة والنقص - انتهى. وهذا الخلاف إنما هو في الاختيار والأفضل، لا في الجواز وعدمه، قال عياض وجماعة من أصحاب الشافعي: ولا خلاف بين هؤلاء المختلفين وغيرهم من العلماء أنه لو سجد قبل السلام أو بعده للزيادة، أو للنقص أنه يجزئه، ولا تفسد صلاته وإنما اختلافهم في الأفضل. وفي الهداية: هذا الخلاف في الأولوية، وكذا قال الماوردي في الحاوي، وابن عبد البر وغيرهم، قاله العيني. وقال النووي: جميع العلماء قائلون بجواز التقديم وجواز التأخير، ونزاعهم في الأفضل - انتهى. والراجح عندي القول السابع أعني التخيير من غير تفصيل وترجيح، والله أعلم. تنبيه: المشهور في كتب شروح الحديث من مذهب أبي حنيفة أن سجود السهو كله بعد السلام، كما تقدم. وهذا صريح في أنه سلك مسلك الترجيح، وترك أحاديث السجود قبل السلام، لكن قال بعض الحنفية: إن فيما قاله الحنفية جمعاً بين روايات فعله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم قالوا إنه يسلم بعد التشهد عن يمينه فيسجد سجدتي السهو، فيتشهد ويصلي ثم يسلم. وهكذا ورد في بعض الروايات المفصلة في فعله - صلى الله عليه وسلم -، فهذا أوجه ما يجمع به اختلاف الحديث. فالروايات التي ورد فيها سجوده - صلى الله عليه وسلم - قبل السلام فالمراد فيها من السلام سلام لانصراف عن الصلاة، وهو التسليم الثاني في قولنا، وما ورد فيه السجود بعد السلام فالمراد فيه سلام الفصل بين الصلاة والسجدتين، قال: وفيه العمل بكل من روايات القول والفعل، فهذا الجمع لشموله لجميع الروايات أولى - انتهى. قلت: هذا الجمع ليس بوجيه فضلاً عن أن يكون أولى بل هو بعيد جداً يرده ظاهر سياق الأحاديث الواردة في المسألة؛ لأن المراد من السلام المذكور في هذه الأحاديث هو التسليمتان؛ لأنه هو المعهود لا السلام الواحد. فالأحاديث التي ذكر فيها سجود السهو بعد السلام المراد من السلام فيها تسليمتا التحليل بعد التشهد وبعد الصلاة على النبي والأدعية المأثورة. وما ورد فيه السجود قبل السلام فالمراد منه أنه تشهد وصلى ثم سجد للسهو، ثم سلم السلام المعهود وهو التسليمتان. وهذا كله مخالف لما ذكره هذا البعض من تفصيل مذهب الحنفية. ففي قولهم هذا طرح لجميع الروايات الواردة في الباب، لا إعمالها، ولم يرد هذا التفصيل في حديث مرفوع صحيح أو ضعيف فهو مردود على قائله. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً البيهقي، وأخرج الرواية الأولى أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه أيضاً، والرواية الثانية أخرجها أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه. قال ابن حجر: صريح كلام المصنف أن قوله: "بعد ما سلم" رواه الشيخان، وليس كذلك إذ لم يروه مسلم، وإنما رواه البخاري. والمصنف كأصله يقع له ذلك كثيراً لكن عذره أنه يريد اتفاق الشيخين على أصل إخراجه وإن لم يتساويا في كل ألفاظه، فاستحضر ذلك فإنه ينفعك في مواضع كثيرة من هذا الكتاب - انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>