للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٢٥- (٥) وعن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: ((صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،

ــ

١٠٢٥- قوله: (وعن ابن سيرين) بكسر السين والراء، قال القاري: إنه مضبوط في جميع النسخ المصححة والأصول الحاضرة بالفتح. (أي بفتح النون على أنه غير منصرف) ويوجه منع صرفه على رأي أبي على الفارسي في اعتبار مطلق الزائدين كحمدون وعليون على ما ذكره الجعبري - انتهى. وسيرين هو مولى أنس بن مالك من سبي عين التمر، أدرك الجاهلية، وسبي في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، كاتبه أنس على عشرين ألف درهم، فأداها وعتق، والمراد بابن سيرين محمد أبوبكر الأنصاري مولاهم البصري ثقة ثبت عابد كبير القدر من كبار التابعين، أخو أنس ومعبد ويحيى وحفصة وكريمة أولاد سيرين أبي عمرة. وإذا أطلق ابن سيرين فهو محمد هذا. وهؤلاء الستة كلهم تابعيون. قال ابن سعد: كان محمد ثقة مأموناً عالياً فقيهاً رفيعاً إماماً كثير العلم. وقال أبوعوانة: رأيت ابن سيرين في السوق، فما رآه أحد إلا ذكر الله. وروي: أنه اشترى بيتاً فأشرف فيه على ثمانين ألف دينار، فعرض في قلبه شيء، فتركه. قال الحافظ: كان لا يرى الرواية بالمعنى. ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، ومات لتسع مضين من شوال سنة ١١٠هـ، وله سبع وسبعون سنة. (عن أبي هريرة قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي أمّنا، يدخل فيه حرف التعدية فيفيد معنى قولنا: أمنا فجعلنا من المؤتمين بصلاته. وفي رواية لمسلم وغيره: صلى لنا. واللام فيه قائم مقام الباء. ويصح أن يراد صلى من أجلنا لما يعود إليهم من فائدة الجماعة، ويصيب إليهم من البركة بسبب الإقتداء. واللفظان ظاهران، بل صريحان في أن أبا هريرة حضر قصة السهو. وحمله الطحاوي على المجاز فقال: إن المراد به صلى بالمسلمين. متمسكاً بما قاله الزهري أن القصة لذي الشمالين المستشهد ببدر قبل إسلام أبي هريرة بأكثر من خمس سنين، فإن مقتضاه أن تكون القصة وقعت قبل بدر لكن اتفق أئمة الحديث، كما نقله ابن عبد البر وغيره على أن الزهري وهم في ذلك، فالصواب أن القصة لذي اليدين وهو غير ذي الشمالين. نص على ذلك الشافعي في اختلاف الحديث وأبوعبد الله الحاكم والبيهقي وغيرهم. وقال النووي في الخلاصة: إنه قول الحافظ وسائر العلماء إلا الزهري، واتفقوا على تغليطه، وذو الشمالين هو الذي قتل ببدر وهو خزاعي، واسمه عمير بن عبد عمرو بن نضلة. وأما ذو اليدين فتأخر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمدة؛ لأنه حدث بهذا الحديث بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما أخرجه الطبراني وغيره وهو سلمي، واسمه الخرباق. وقد جوز بعض الأئمة أن القصة وقعت لكل من ذي الشمالين وذي اليدين، وأن أبا هريرة روى الحديثين فأرسل أحدهما، وهو قصة ذي الشمالين، وشاهد الآخر، وهي قصة ذي اليدين. وهذا محتمل من طريق الجمع. وقيل: يحمل على أن ذا الشمالين كان يقال له أيضاً ذواليدين وبالعكس. فكان ذلك سبباً للاشتباه. قلت: قد وقع في رواية لمسلم عن أبي هريرة قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي صريحة في أن أبا هريرة كان حاضراً في الصلاة، وهي تبطل تأويل الطحاوي. قال الحافظ: ويدفع المجاز الذي ارتكبه الطحاوي، ما رواه مسلم وأحمد وغيرهما من طريق يحيى بن أبي كثير عن

<<  <  ج: ص:  >  >>