للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: يا رسول الله! أنسيت أم قصرت

ــ

الصحيحة لفظ: ذي اليدين دون ذي الشمالين. وكذلك وقع في حديث عمران بن حصين عند أحمد ومسلم وغيرهما، وحديث ابن عمر عند أبي داود لفظ: ذي اليدين، وقد ثبت شهود أبي هريرة قصة ذي اليدين، وشهدها عمران بن حصين أيضاً، كما صرح به الحافظ في الفتح. وعمران بن حصين أسلم عام خيبر، كما نص عليه الحافظ في التقريب. وروى معاوية بن حديج عند أحمد وأبي داود، وغيرهما قصة أخرى في السهو، ووقع فيها الكلام ثم البناء، وكان إسلامه قبل موت النبي - صلى الله عليه وسلم - بشهرين، كما صرح به البيهقي والنووي والحافظ. وهذا كله يدل دلالة واضحة على أن من روى في حديث أبي هريرة ذا الشمالين فقد وهم. ولذلك قال الحاكم على ما نقل عنه البيهقي (ج٢: ص٣٦٧) : كل من قال ذلك فقد أخطأ - انتهى. فعلى هذا لا فائدة في ذكر متابعة عمران بن أبي أنس للزهري على ذكر ذي الشمالين. ويمكن أن يقال: إن ذا اليدين كان يقال له أيضاً ذو الشمالين، ويؤيده أنه وقع في رواية الزهري وعمران بن أبي أنس أولاً لفظ ذي الشمالين، ثم وقع فيها لفظ ذي اليدين. وعلى هذا فالمراد بذي الشمالين في روايتهما هو ذو اليدين لا ذو الشمالين الذي قتل ببدر. واستدل الحنفية أيضاً بأقوال بعض أهل العلم كابن سعد في الطبقات وغيره في غيرها مما يدل أن ذا اليدين وذا الشمالين واحد. وفيه: أنها معارضة بما تقدم عن الحافظ أنه اتفق معظم أهل الحديث من المصنفين وغيرهم على أن ذا الشمالين غير ذي اليدين، وقد ثبت شهود أبي هريرة قصة ذي اليدين، فهذا يرد قول من قال: أن ذا اليدين وذا الشمالين واحد. قال ابن عبد البر: ذو اليدين غير ذي الشمالين المقتول ببدر بدليل حضور أبي هريرة ومن ذكرنا قصة ذي اليدين، وأن المتكلم رجل من بني سليم، كما ذكر مسلم في صحيحه. وفي رواية عمران بن حصين اسمه الخرباق ذكره مسلم، فذو اليدين الذي شهد السهو في الصلاة سلمي، وذو الشمالين المقتول ببدر خزاعي، يخالفه في الاسم والنسب. وقد يمكن أن يكون رجلان وثلاثة يقال لكل واحد منهم ذو اليدين وذو الشمالين، لكن المقتول ببدر غير المذكور في حديث السهو. هذا قول أهل الحذق والفهم من أهل الحديث والفقه، ثم روى هذا بإسناده عن مسدد. قال ابن عبد البر: وقد اضطرب الزهري في حديث ذي اليدين اضطراباً أوجب عند أهل العلم بالنقل تركه من روايته خاصة، ثم ذكر طرقه، وبين اضطرابها في المتن والإسناد، وذكر أن مسلم بن الحجاج غلط الزهري في حديثه. قال ابن عبد البر: لا أعلم أحداً من أهل العلم بالحديث المصنفين فيه عول على حديث الزهري في قصة ذي اليدين، وكلهم تركوه لاضطرابه، وأنه لم يتم له إسناداً ولا متناً وإن كان إماماً عظيماً في هذا الشأن، فالغلط لا يسلم منه بشر، والكمال لله تعالى، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقول الزهري أن ذا اليدين قتل يوم بدر متروك لتحقق غلط فيه - انتهى كلامه ملخصاً مختصراً. (أنسيت) بالخطاب. (أم قصرت) بالفتح ثم الضم أو الضم ثم الكسر كالسابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>