للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصلاة؟ قال لم أنس، ولم تقصر. فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم. فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم،

ــ

(الصلاة) بالضم على الوجهين، وحصر في الأمرين؛ لأن السبب إما من الله، وهو القصر أو من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو النسيان. (فقال) - صلى الله عليه وسلم -: (لم أنس) أي في ظني أي لا في نفس الأمر، فخرج هذا الكلام على حسب الظن، ويعتبر الظن قيداً في الكلام، ترك ذكره بناء على أن الغالب في بيان أمثال هذه الأشياء أن يجري فيها الكلام بالنظر إلى الظن، فكأنه قال ما نسيت ولا قصرت في ظني، وهذا الكلام صادق لا غبار عليه، ولا يتوهم فيه شائبة كذب، وليس مبنى الجواب على كون الصدق المطابقة للظن، بل على أنه مطابقة الواقع، فافهم. (ولم تقصر) أي الصلاة وهو بفتح التاء وضم الصاد على بناء الفاعل، أو ضم التاء وفتح الصاد على بناء المفعول. وهذا صريح في نفي النسيان، ونفي القصر. وفيه تفسير للمراد بقوله في الرواية الآتية: كل ذلك لم يكن، وتأيد لما قاله أصحاب المعاني أن لفظ "كل" إذا تقدم وعقبها النفي كان نفياً لكل فرد لا للمجموع، بخلاف ما إذا تأخرت كأن يقول لم يكن كل ذلك، فإنه يفيد بمفهومه ثبوت الفعل لبعض الأفراد. (بخلاف الأول فإنه، يقتضى السلب عن كل فرد) ولهذا أجاب ذو اليدين بقوله قد كان بعض ذلك، وأجابه في بعض الروايات التي وقع فيها نفي النسيان، ونفي القصر صريحاً بقوله: "بلى قد نسيت"؛ لأنه لما نفي الأمرين، وكان مقرراً عند الصحابي أن السهو غير جائز عليه في الأمور البلاغية جزم بوقوع النسيان لا بالقصر، وهو حجة لمن قال: إن السهو جائز على الأنبياء فيما طريقه التشريع، وقد تقدم الكلام في ذلك. (فقال) - صلى الله عليه وسلم - بعد تردده بقول ذي اليدين. (أكما يقول ذو اليدين) أي أتقولون كقوله، أو أكان كما يقول، أو الأمر كما يقول. وفي رواية بعد قوله: لم أنس ولم تقصر: فقال بل نسيت يا رسول الله، فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على القوم فقال: أصدق ذو اليدين، فلما جزم بالنسيان استثبت عليه السلام فقال أوقع مني أني تركت نصف الصلاة، كما يقول؟ وعدل عن قال لتصوير صورة للحال الماضية حتى يستحضر ويتأمل. (فقالوا: نعم) الأمر كما يقول. وفي رواية لمسلم: قالوا صدق، لم تصل إلا ركعتين. قال ابن حجر: فحينئذٍ تيقن عليه السلام أنه ترك ركعتين، إما لتذكره أو لكونهم عدد التواتر أو لإخبار الله له بالحال، كما في رواية أبي داود، ولم يسجد سجدتي السهو حتى يقنه الله ذلك، أي ألقى الله تعالى اليقين بوقوع النسيان في قلبه. (فتقدم) أي مشى إلى محل صلاته. ففي رواية لأبي داود: فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مقامه. (فصلى ما ترك) أي الذي تركه، وهو الركعتان. ففي رواية: فصلى ركعتين أخراوين. (ثم سلم) قال العلائي: جميع رواياته وطرقه لم يختلف فيه شيء منها أن السجود بعد السلام، كذا في شرح ابن رسلان لسنن أبي داود وهذا يهدم قاعدة المالكية ومن وافقهم أنه إذا كان السهو بالنقصان يسجد قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>