١٠٢٦- (٦) وعن عبد الله بن بحينة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى بهم الظهر،
ــ
ذي اليدين، كما كان قد ذهل عن قصة التيمم، ولم يتذكر بتذكير عمار مع أنه حضر معه تلك القصة. وأيضاً يحتمل أن عمر كان يرى أن من حدث به هذه الحادثة فله أن يستأنف الصلاة، وله أن يبني ولم ير ما فعله - صلى الله عليه وسلم - واجباً، فإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال. وقد بسط شيخنا الكلام في هذا الباب في أبكار المنن (ص٢٤٧- ٢٥٧) فعليك أن تطالعه. وأما ما توهم بعضهم أن حديث ذي اليدين مخالف لقول زيد بن أرقم: نهينا عن الكلام، فيحمل قصة ذي اليدين على أنها كانت قبل النهي والنسخ. ففيه أنه لا معارضة بينهما؛ لأن قول زيد بن أرقم عام يشمل كل نوع من الكلام، وحديث ذي اليدين خاص، كما لا يخفى ولا معارضة بين العام والخاص. قال ابن بطال: يحتمل أن يكون قول زيد بن أرقم ونهينا عن الكلام أي إلا إذا وقع سهواً وعمداً لمصلحة الصلاة فلا يعارض قصة ذي اليدين - انتهى. ومنها أن تعمد الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها، وهو المشهور من مذهب مالك والأوزاعي أن التكلم عمداً على جهة إصلاح الصلاة وبيانها لا يفسدها، وهو رواية عن أحمد. وأجاب من لم يقل بذلك بأن كلامهم كان جواباً للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وجوابه لا يقطع الصلاة. وتعقب بأنه لا يلزم من وجوب الإجابة عدم قطع الصلاة. وأجيب بأنه ثبت مخاطبته في التشهد، وهو حي بقولهم: السلام عليك أيها النبي، ولم تفسد الصلاة. والظاهر أن ذلك من خصائصه. ويحتمل أن يقال ما دام النبي - صلى الله عليه وسلم - يراجع المصلي فجائز له جوابه حتى تنقضي المراجعة، فلا يختص الجواز بالجواب لقول ذي اليدين: بلى قد نسيت، ولم تبطل صلاته. قلت الخصوصية لا تثبت بالادعاء والاحتمال، وأيضاً ما الجواب عن قول سرعان الناس: قصرت الصلاة، فاته لم يكن خطاباً للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولا جواباً له. والحق أن الحديث مشكل على المالكية أيضاً، والجواب عما ذكر في رواياته وطرقه من الأفعال والأقوال صعب على أصحاب المذاهب الأربعة، كما لا يخفى على من له وقوف على مذاهبهم، ولا عذر عندنا عن العمل بما ورد في الحديث لمن يتفق له مثل ذلك. وما أحسن كلام صاحب المنار حيث قال بعد الرد على من ادعى نسخه ما نصه: وأنا أقول أرجو الله للعبد إذا لقي الله عاملاً بذلك أن يثبته في الجواب بقوله صح لي ذلك عن رسولك، ولم أجد ما يمنعه، وأن ينجو بذلك ويثاب على العمل به، وأخاف على المتكلفين وعلى المجبرين على الخروج من الصلاة للاستئناف، فإنه ليس بأحوط، كما ترى؛ لأن الخروج بغير دليل ممنوع وإبطال للعمل - انتهى.
١٠٢٦- قوله:(وعن عبد الله بن بحينة) هو عبد الله بن مالك بن القشب الأسدي أو الأزدي من أزد شنوءة، وأما بحينة فهي أمه، فاسم أبيه مالك، واسم أمه بحينة - مصغراً - بنت الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف. قيل: فينبغي كتابة ابن بحينة بالألف لئلا يلتبس بالأب، وإذا نسب إليهما، وكتب عبد الله بن مالك بن بحينة