فقام في الركعتين الأوليين لم يجلس، فقام الناس معه، حتى إذا قضى الصلاة. وانتظر الناس تسليمه، كبر وهو جالس، فسجد سجدتين قبل أن يسلم، ثم سلم))
ــ
ينبغي أن يكتب ألف ابن وينوّن مالك ليندفع الوهم، ويعرف أن ابن بحينة نعت لعبد الله لا لمالك. وينبغي أن يحفظ هذا الأصل، فيحتاج إليه في أسماء كثيرة مثل محمد بن علي ابن الحنفية، وإسماعيل بن إبراهيم ابن علية وغير ذلك. وعبد الله هذا صحابي مشهور. أسلم قديماً، كان ناسكاً فاضلاً صائم الدهر، وأمه بحينة أيضاً صحابية أسلمت وبايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأطعمها من خيبر ثلاثين وسقاً، قال في الإصابة: كان عبد الله ينزل ببطن ريم على ثلاثين ميلاً من المدينة، ومات به في إمارة مروان الأخيرة على المدينة، وأرخه ابن زبير سنة ست وخمسين. (فقام في الركعتين الأوليين) بالمثناتين التحتيتين يعني أنه قام إلى الركعة الثالثة حال كونه. (لم يجلس) أي عقب الركعتين للتشهد. ووقع في رواية ابن عساكر: ولم يجلس بزيادة الواو. وفي صحيح مسلم فلم يجلس بالفاء، وكذا في رواية للبخاري. وزاد في رواية ابن خزيمة: فسبحوا به، فمضى حتى فرغ من صلاته. وفي حديث معاوية عند النسائي والبيهقي وعقبة بن عامر عند الحاكم والبيهقي جميعاً نحو هذه القصة بهذه الزيادة. وفيه دليل على أن تارك الجلوس الأول إذا قام لا يرجع له. (فقام الناس معه) إلى الثالثة اتباعاً لفعله - صلى الله عليه وسلم -. وفيه دليل على وجوب متابعة الإمام حيث تركوا القعود الأول وتشهده. (حتى إذا قضى الصلاة) أي فرغ منها، وقد استدل به لمن زعم أن السلام ليس من الصلاة حتى لو أحدث بعد أن جلس، وقبل أن يسلم تمت صلوته. وهو قول بعض الصحابة والتابعين، وبه قال أبوحنيفة، كما تقدم. وتعقب بأن السلام لما كان لتحليل من الصلاة كان المصلي إذا انتهى إليه إليه كمن فرغ من صلاته. ويدل على ذلك قوله في رواية ابن ماجه من طريق جماعة من الثقات عن يحيى بن سعيد عن الأعرج: حتى إذا فرغ من الصلاة إلا أن يسلم، فدل على أن بعض الرواة حذف الاستثناء لوضوحه. والزيادة من الحافظ مقبولة، كذا في الفتح. وقيل: معناه قارب الفراغ من الصلاة. وقال الباجي: ويحتمل أن يراد بالصلاة الدعاء والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيكون لفظ:"قضى" على حقيقته - انتهى. (كبر وهو جالس) جملة حالية. (فسجد سجدتين) أي للسهو بعد التشهد. (قبل أن يسلم) وفي رواية: كبر قبل التسليم فسجد سجدتين، وهو جالس، أي أنشأ السجود جالساً. فهي جملة حالية. وفي أخرى لهما: يكبر في كل سجدة. وعند أحمد: فكبر فسجد، ثم كبر فسجد ثم سلم، قال الحافظ في الفتح: وفي رواية الأوزاعي فكبر ثم سجد، ثم كبر فرفع رأسه، ثم كبر فسجد، ثم كبر فرفع رأسه ثم سلم. أخرجه ابن ماجه. واستدل به على مشروعية التكبير في سجدتي السهو والجهر به، كما في غيرهما من سجود الصلاة وأن بينهما جلسة فاصلة. (ثم سلم) بعد ذلك للانصراف من الصلاة. واستدل به على أن سجود السهو قبل السلام. ولا حجة فيه في كون جميعه كذلك، نعم يرد على من زعم أن جميعه بعد السلام كالحنفية، وتقدم ذكر مستندهم،