عن يزيد بن قسيط أنه يتشهد بعدهما ولا يسلم. ورواه أيضاً عن النخعي وغيره. وذهب الشافعي وأحمد إلى أنه إذا كان سجود السهو قبل السلام سلم عقبه، ولا يعيد التشهد، يعني أنه أجزأه التشهد الأول، ولم يحتج إلى إعادته بعد سجود السهو، واختلف فيه القول عن مالك. وأما إذا سجدهما بعد السلام فذهب الأئمة الأربعة إلى أنه يتشهد ثم يسلم، كما يظهر من كتب الفروع. والراجح عندنا: أنه مخير في التشهد إن شاء تشهد بعدهما وإن شاء لم يتشهد. وأما التسليم فلا بد منه، والله اعلم. (رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن غريب) وأخرجه أيضاً أبوداود وابن حبان والحاكم (ج١: ص٣٢٣) والبيهقي (ج٢: ص٣٥٥) وأخرجه النسائي بدون ذكر التشهد كلهم من رواية أشعث عن ابن سيرين عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين. وقد سكت عنه أبوداود، ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره. وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين. قال الحافظ في الفتح بعد نقل تحسين الترمذي وتصحيح الحاكم: وضعفه البيهقي وابن عبد البر وغيرهما. ووهموا رواية أشعث لمخالفة غيره من الحفاظ عن ابن سيرين، فإن المحفوظ عن ابن سيرين في حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد. وروى السراج من طريق سلمة بن علقمة أيضاً في هذه القصة. (أي في قصة ذي اليدين المتقدمة) قلت: لابن سيرين فالتشهد؟ قال لم أسمع في التشهد شيئاً. وقد تقدم من طريق ابن عون عن ابن سيرين، قال: نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم. وكذا المحفوظ عن خالد الحذاء بهذا الإسناد في حديث عمران. (يعني الذي يأتي في الفصل الثالث) ليس فيه ذكر التشهد كما أخرجه مسلم، فصارت زيادة أشعث شاذة. ولهذا قال ابن المنذر: لا أحسب التشهد في سجود السهو يثبت، لكن قد ورد في التشهد في سجود السهو عن ابن مسعود عند أبي داود والنسائي، وعن المغيرة عند البيهقي. وفي إسنادهما ضعف. فقد يقال: إن الأحاديث الثلاثة في التشهد باجتماعها ترتقي إلى درجة الحسن. قال العلائي: وليس ذلك ببعيد. وقد صح ذلك عن ابن مسعود من قوله، أخرجه ابن أبي شيبة - انتهى. قلت: حديث ابن مسعود عند أبي داود والنسائي والبيهقي (ج٢: ص٣٥٦وص٣٣٦) من طريق خصيف عن أبي عبيدة عن أبيه عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً بلفظ: إذا كنت في صلاة، فشككت في ثلاث أو أربع، وأكبر ظنك على أربع، تشهدت ثم سجدت سجدتين، وأنت جالس قبل أن تسلم. ثم تشهدت أيضاً، ثم تسلم. قال البيهقي في المعرفة: حديث مختلف في رفعه. وخصيف غير قوي. وأبوعبيدة عن أبيه مرسل، أي منقطع؛ لأن أبا عبيدة لم يسمع عن أبيه عبد الله بن مسعود. ولفظ المغيرة عند البيهقي (ج٢: ص٣٥٥) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تشهد بعد أن رفع رأسه من سجدتي السهو. قال البيهقي: تفرد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن الشعبي. ولا حجة فيما تفرد به لسوء حفظه وكثرة خطئه في الروايات - انتهى.