للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٢٨- (٨) وعن المغيرة بن شعبة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا قام الإمام في الركعتين، فإن ذكر قبل أن يستوي قائماً فليجلس، وإن استوى قائماً فلا يجلس، ويسجد سجدتي السهو)) .

ــ

١٠٢٨- قوله: (إذا قام الإمام) أي شرع في القيام وفي معناه المنفرد. (في الركعتين) أي بعدهما من الثلاثية أو الرباعية قبل أن يقعد ويتشهد. (فإن ذكر) أي تذكر أن عليه بقية من الصلاة. (قبل أن يستوي قائماً) سواء يكون إلى القيام أقرب أو إلى القعود. قال القاري: وهو ظاهر الرواية، واختاره ابن الهمام، ويؤيده الحديث - انتهى. ومقابله ما في الهداية إن كان إلى القعود أقرب عاد، ولو إلى القيام فلا - انتهى. قلت: أخرج هذا الحديث أحمد وابن ماجه والدارقطني والبيهقي بألفاظ متقاربة. وليس فيها ما يدل على هذا التفصيل. فالصحيح هو الأول. وهو المختار عند الحنفية. (فليجلس) أي ليأتي بالتشهد الأول: زاد في رواية الدارقطني: ولا سهو عليه. وقد تمسك بها من قال إن سجود السهو إأنما هو لفوات التشهد الأول لا لفعل القيام. وإلى ذلك ذهب النخعي والأسود وعلقمة والشافعي في أحد قوليه. وذهب أحمد إلى أنه يجب السجود للسهو لفعل القيام؛ لما روي عن أنس أنه تحرك للقيام من الركعتين الأخريين من العصر على جهة السهو فسبحوا، فقعد ثم سجد للسهو. أخرجه البيهقي والدارقطني موقوفاً عليه إلا أن في بعض طرقه أنه قال: هذه السنة. قال الحافظ: ورجاله ثقات. وقد رجح حديث المغيرة لكونه مرفوعاً، ولأنه يؤيده حديث ابن عمر مرفوعاً: لا سهو إلا في قيام عن جلوس، أو جلوس عن قيام. أخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي (ج٢: ص٣٤٥) وفيه ضعف. وقال ابن حجر: وظاهر الحديث أن قوله الآتي: ويسجد سجدتي السهو خاص بالقسم الثاني، فلا يسجد هنا للسهو. وإن كان إلى القيام أقرب، وهو الأصح عند جمهور أصحابنا، وصححه النووي في عدة من كتبه - انتهى. قلت: واختلف فيه فقهاء الحنفية أيضاً، والأصح هو عدم وجوب السجود؛ لأن فعله لم يعد قياماً، فكان قعوداً، كذا في شرح المنية. (وإن استوى قائماً) ولفظ أحمد وابن ماجه: وإن استتم قائماً. (فلا يجلس) لتلبسه بفرض، فلا يقطعه. (ويسجد) بالرفع. (سجدتي السهو) لتركه واجباً، وهو القعدة الأولى. وفي الحديث أنه لا يجوز العود إلى القعود، والتشهد بعد الانتصاب الكامل؛ لأنه قد تلبس بالفرض، فلا يقطعه لأجل ما ليس بفرض، ثم إذا رجع بعد استوائه قائماً هل تفسد صلاته؟ مختلف عند الأئمة. قال الحافظ في الفتح: فمن سها عن التشهد الأول حتى قام إلى الركعة ثم ذكر لا يرجع، فقد سبحوا به - صلى الله عليه وسلم -، فلم يرجع. فلو تعمد المصلي الرجوع بعد تلبسه بالركن بطلت صلاته عند الشافعي خلافاً للجمهور - انتهى. واختلف فيه الحنفية. والراجح عندهم عدم الفساد، كما في الدر المختار. وقال الشوكاني: فإن عاد عالماً بالتحريم بطلت صلاته لظاهر النهي، ولأنه زاد قعوداً، وهذا إذا تعمد العود، فإن عاد

<<  <  ج: ص:  >  >>