للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه البخاري.

١٠٣٢- (٢) وعن أبي هريرة، قال: ((سجدنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في: {إذا السماء انشقت} و. {اقرأ باسم ربك}

ــ

ويرغب فيه ويحرص عليه غاية الحرص، ويعالجهم أشد المعالجة في ذلك. ومن جملتهم نبينا - صلى الله عليه وسلم - الذي خاطبه الله تعالى بقوله: {فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً} [١٨: ٦] وبقوله: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} [١٢: ١٠٣] ، وبقوله: {أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين} [١٠: ٩٩] ، ثم الأمة تختلف كما قال تعالى: {ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر} [٢: ٢٥٣] ، فمن كفر فقد ألقى إليه الشيطان الوساوس القادحة في الرسالة والنبوة الموجبة لكفره، وكذا المؤمن أيضاً لا يخلو عن وساوس؛ لأنها لازمة للإيمان بالغيب في الغالب، وإن كانت تختلف في الناس بالقلة والكثرة، وبحسب التعلقات. إذا تقرر هذا فمعنى تمنى أنه يتمنى الإيمان لأمته ويحب لهم الخير والرشد والصلاح والنجاح، فهذه هي أمنية كل رسول ونبي، وإلقاء الشيطان فيها يكون بما يلقيه في قلوب أمة الدعوة من الوساوس الموجبة لكفر بعضهم، ثم يرحمهم الله فينسخ ذلك من قلوب المؤمنين، ويحكم فيها الآيات الدالة على الوحدانية والرسالة، ويبقى ذلك في قلوب المنافقين والكافرين، فيفتتنوا به، فخرج من هذا أن الوساوس تلقى أولاً في قلوب الفريقين معاً، غير أنها لا تستمر في قلوب المؤمنين ولا تبقى بل تزول وتنمحى بخلاف المنافقين والكافرين، فإنها تدوم وترسخ في قلوبهم. والله أعلم. وقد بسط العلامة الآلوسي الكلام في تفسير هذه الآية في روح المعاني (ج١٧ ص١٧٢-١٨٦) وأجاد فعليك أن تراجعه. (رواه البخاري) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي والبيهقي (ج٢ ص٣١٤) .

١٠٣٢- قوله: (سجدنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في {إذا السماء انشقت} ، و {إقرا باسم ربك} ) هما من المفصل فهو دليل صريح في ثبوت السجود في المفصل مثل الحديث السابق. وشرح الموطأ للزرقاني قال بالسجود في المفصل الخلفاء الأربعة والأئمة الثلاثة وجماعة. ورواه ابن وهب عن مالك وروى عنه ابن القاسم. والجمهور أن لا سجود فيها؛ لأن أبا سلمة قال لأبي هريرة لقد سجدت في سورة ما رأيت الناس يسجدون فيها، فدل هذا على أن الناس تركوه وجرى العمل بتركه. ورده ابن عبد البر. بأن أي عمل يدعى مع مخالفة المصطفى والخلفاء الراشدين بعده وسيأتي مزيد الكلام في ذلك. وروى البخاري وغيره عن أبي رافع قال: صليت مع أبي هريرة العتمة، فقرأ. {إذا السماء انشقت} [٨٤: ١] فسجد فقلت ما هذه؟ قال سجدت فيها خلف أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -، فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه. ورواه ابن خزيمة بلفظ: صليت خلف أبي القاسم فسجد بها، وكذلك أخرجه الجوزقي واستدل به

ــ

(١) وفي نسخة "رسول الله "

<<  <  ج: ص:  >  >>