١٠٣٥- (٥) وعن ابن عباس، قال: ((سجدة "ص" ليس من عزائم السجود، وقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -
يسجد فيها. وفي رواية: قال مجاهد: قلت لابن عباس: أأسجد في "ص" فقرأ: {ومن
ذريته داود وسليمان} حتى أتى. {فبهداهم اقتده}
ــ
سجد فيها. وروى الطبراني بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن أبزى عن عمر: إنه قرأ النجم في الصلاة فسجد فيها، ثم قام فقرأ "إذا زلزلت". وفي هذا رد على من زعم أن عمل أهل المدينة استمر على ترك السجود في المفصل مطلقاً، أو في الصلاة خاصة. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي والبيهقي.
١٠٣٥- قوله:(سجدة ص) بسكون أو فتح أو كسر، بتنوين وبدونه. وقد تكتب ثلاثة أحرف باعتبار اسمها، ذكره ابن حجر. قال القاري: والأول أولى لما عليه الجمهور من القراء. (ليس) تذكيره؛ لأنها بمعنى السجود. وقال ابن حجر: أي ليس فعلها. (من عزائم السجود) أي ليست مما ورد في السجود فيها أمر ولا تحريض ولا تحضيض ولا حث، وإنما ورد بصيغة الإخبار عن داود عليه السلام بأنه فعلها، وسجد نبينا - صلى الله عليه وسلم - فيها اقتداء به لقوله تعالى. {فبهداهم اقتده}[٦: ٩٠] . وفيه دلالة على أن المسنونات قد يكون بعضها آكد من بعض. قال الحافظ: المراد بالعزائم ما وردت العزيمة على فعله كصيغة الأمر مثلاً، بناء على أن بعض المندوبات آكد من بعض عند من لا يقول بالوجوب. وقد روى ابن المنذر وغيره عن علي بإسناد حسن أن العزائم "حم" و"النجم" وإقرأ" و"الم تنزيل". وكذا ثبت عن ابن عباس في الثلاثة الأخر. وقيل: "الإعراف" و"سبحان" و"حم" و"الم" أخرجه ابن أبي شيبة - انتهى. (وقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها) أي في سجدة "ص" في الصلاة وغيرها. وفي البخاري في تفسير "ص" من طريق مجاهد، وكذا لابن خزيمة أنه سأل عن ابن عباس: من أين سجدت في "ص"، ولفظ ابن خزيمة من أين أخذت سجدة "ص" فقال من قوله تعالى. {ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله فبهداهم اقتده} ، ففي هذا أنه استنبط مشروعية السجود فيها من الآية. وفي رواية الباب أنه أخذه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا تعارض بينهما لاحتمال أن يكون استفادة من الطريقين. قال الشوكاني: وإنما لم تكن السجدة في "ص" من العزائم؛ لأنها وردت بلفظ الركوع، فلولا التوقيف ما ظهر أن فيها سجدة. (وفي رواية) أي للبخاري في أحاديث الأنبياء. (فقرأ ومن ذريته) أي من ذرية نوح. {حتى أتي} أي وصل قوله تعالى أو حتى أتى على قوله تعالى. {أولئك الذين هدى الله} . (فبهداهم اقتده) بها السكت