للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال نبيكم - صلى الله عليه وسلم - ممن أمر أن يقتدى بهم)) رواه البخاري.

ــ

للجمهور، وبها الضمير للشامي قصرا ومدا، أي افعل كما فعلوا من تبليغ الرسالة، وتحمل الأذى في سبيلي، قاله ابن الملك. والظاهر أن معناه اقتد بسيرهم السنية وأخلاقهم البيهية، كذا في المرقاة. (فقال) أي ابن عباس للإستدلال على إتيان السجدة، ولإستنباط وجه سجود النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، من الآية. (نبيكم - صلى الله عليه وسلم -) مبتدأ، خبره. (ممن أمر أن يقتدى) بصيغة المعلوم. (بهم) أي بهؤلاء الأنبياء. ومن جملتهم داود، وهو قد سجد لله تعالى، فأنت أولى بالإقتداء بهم، أو به عليه السلام، فإنه اقتدى بداود، وسجد فيها. وهذا بإطلاقه أيضاً يشمل الصلاة وغيرها. قال الطيبي: الجواب من أسلوب الحكيم، أي إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مأموراً بالإقتداء بهم فأنت أولى، وإنما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإقتداء بهم ليستكمل بجميع فضائلهم الجميلة، وخصائلهم الحميدة، وهي نعمة ليس وراءها نعمة، فيجب عليه الشكر لذلك. قال الرازي: الآية دالة على فضل نبينا - صلى الله عليه وسلم - على الأنبياء؛ لأنه تعالى أمره بالإقتداء بهداهم، ولا بد من امتثاله بذلك، فوجب أن يجتمع فيه جميع خصائلهم وخلائقهم المتفرقة - انتهى هذا. وروي النسائي عن ابن عباس مرفوعاً "سجدها داود توبة، ونسجدها شكراً، وقد ذكره المصنف في الفصل الثالث. واستدل الشافعي: بقوله: شكراً على أنه لا يسجد فيها في الصلاة، لأن سجود الشاكر، لا يشرع داخل الصلاة. قال العيني: لا خلاف بين الحنفية والشافعية، في أن "ص" فيها سجدة تفعل، وهو أيضاً مذهب سفيان وابن المبارك وأحمد وإسحاق. غير أن الخلاف في كونها من العزائم، أم لا، فعند الشافعي، ليست من العزائم. وإنما هي سجدة شكر. تستحب في غير الصلاة، وتحرم فيها في الصحيح. وهذا هو المنصوص عنده، وبه قطع جمهور الشافعية. وعند أبي حنيفة وأصحابه، هي من العزائم. وهو قول مالك أيضاً. وعن أحمد كالمذهبين، والمشهور منهما، كقول الشافعي - انتهى. قلت: سجدة "ص" سجدها داود توبة، ونحن نسجدها شكراً، لما أنعم الله على داود من قبول التوبة. ومع ذلك فهي سجدة تلاوة أيضاً. لأن سجدة التلاوة ليس سبب مشروعيتها إلا التلاوة. وسبب مشروعية هذه السجدة، تلاوة هذه الآية، التي فيها الأخبار عن هذه النعم على داود. وإطماعنا في قيل مثله. فالحق عندي، أن يسجد في "ص" إتباعاً للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، وخارج الصلاة، لإطلاق الأحاديث، ويرى أن هذه السجدة، ليست من عزائم السجود. كما قال ابن عباس. ولا منافاة بين فعله - صلى الله عليه وسلم - وبين قول ابن عباس. لأن ابن عباس لم ينف السجود في "ص" بل نفي كونه عزيمة، وفعله - صلى الله عليه وسلم - لا يدل على كونه من عزائم السجود. (رواه البخاري) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والبيهقي وفي الباب عن أبي سعيد عند أبي داود والحاكم وابن خزيمة وأبي هريرة عند الدارقطني والطبراني في الأوسط.

<<  <  ج: ص:  >  >>