١٠٣٧- (٧) وعن عقبة بن عامر، قال: ((قلت. يا رسول الله! فضلت سورة "الحج" بأن فيها سجدتين؟ قال نعم، ومن لم يسجدها فلا يقرأ هما))
ــ
أي وذكر في الحج، أو اقرأه في الحج، سجدتين. أي عقب ما يشاء، وتفلحون. قال السندي: ومن لا يقول بالثانية يحملها على السجدة الصلاتية لقرانها بالركوع، ويعتذر عن هذا الحديث، بأن في إسناده ابن منين وهو مجهول، كما قاله ابن القطان، لكن قد جاء أحاديث متعددة في الباب، فيؤيد بعضها بعضاً، بحيث يصير الكل حجة - انتهى. قلت الظاهر: أن هذا الحديث حسن، كما ستعرف. وأما حمل السجدة الثانية على سجدة الصلاتية، فسيأتي جوابه مع بسط الكلام في المسألة. (رواه أبوداود وابن ماجه) وأخرجه أيضاً الدارقطني والحاكم والبيهقي، كلهم من طريق الحارث بن سعيد العتقي عن عبد الله بن منين عن عمرو بن العاص، وقد سكت عنه أبوداود والمنذري. وقال الحافظ في التلخيص: حسنه المنذري والنووي، وضعفه عبد الحق وابن القطان - انتهى. قال عبد الحق في أحكامه، وعبد الله ابن منين لا يحتج به، قال ابن القطان: وذلك لجهالته، فإنه لا يعرف. روى عنه غير الحارث بن سعيد، وهو رجل لا يعرف له حال، فالحديث من أجله لا يصح. كذا في نصب الراية (ج٢: ص١٨٠) قلت: عبد الله بن منين بنون مصغراً، وثقه يعقوب بن سفيان، كما في تهذيب التهذيب والتقريب. والحارث بن سعيد العتقي، قال الحافظ في التقريب: إنه مقبول. فالظاهر أن الحديث لا ينحط عن درجة الحسن.
١٠٣٧- قوله:(فضلت) بتقدير همزة الاستفهام. ففي المسند "أفضلت" وهو بضم الفاء من التفضيل. (ومن لم يسجدهما) أي السجدتين. (فلا يقرأهما) أي آيتي السجدة. قال العلامة الشيخ أحمد شاكر، في تعليقه على الترمذي (ج٢: ص٤٧١) : ذهب بعض العلماء إلى أن المراد بالحديث ظاهر اللفظ، وأن من أتى على آية السجدة، ولم يرد السجود ترك الآية. وعن ذلك استدل به بعضهم على وجوب سجود التلاوة. وأجاب بعض القائلين بأنها سنة، بأن ترك تلاوتها لئلا يتضرر القارئ بترك سنة السجود. وهذا كله عندي غير جيد. بل هو خطأ؛ لأن هذا الكلام من كلام العرب، لا يراد به ظاهره، إنما هو تقريغ وزجر كقوله - صلى الله عليه وسلم -:"إذا لم تستح فاصنع ما شئت" وأمثال ذلك، مما يعرف من قفة كلام العرب ومناحيهم. وإنما يريد - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث، أن يحض القاري على السجود في الآيتين. فكما أنه لا ينبغي له أن يترك قراءتهما، لا ينبغي له إذا قرأ هما أن يدع السجود فيهما - انتهى. والحديث نص كالحديث السابق أن في سورة الحج سجدتين، وإليه ذهب أحمد والشافعي وإسحاق وأبوثور وابن المنذر، وهو قول عمر وعلي وعبد الله بن عمرو أبي موسى وأبي الدرداء وعمار وأبي عبد الرحمن السلمي