للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه أبوداود والترمذي.

ــ

وأبي العالية وزر. وقال ابن عباس: فضلت سورة الحج بسجدتين، قال ابن قدامة بعد ذكر هؤلاء الصحابة والتابعين: لم نعرف لهم مخالفاً في عصرهم، فيكون إجماعاً. وقال أبوإسحاق: أدركت الناس منذ سبعين سنة، يسجدون في الحج سجدتين. وقال ابن عمر: لو كنت تاركاً إحداهما لتركت الأولى. وذلك لأن الأولى إخبار، والثانية أمر. واتباع الأمر أولى - انتهى. وروى البيهقي في المعرفة، وأبوداود في المراسيل عن خالد بن معدان قال: "فضلت سورة الحج بسجدتين". وفي هذا كله رد صريح على أبي حنيفة وغيره، ممكن أنكر السجدة الأخيرة من سورة الحج، محتجاً بأن آخر الحج السجود فيها، سجود الصلاة لاقترانه بالركوع بخلاف الأولى. فإن السجود فيها مجرد عن ذكر الركوع. ولهذا لم يكن قوله تعالى: {يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين} [٤٣:٣] من مواضع السجدات بالاتفاق. قال ابن الهمام: والسجدة الثانية في الحج، للصلاة عندنا، لأنها مقرونة بالأمر بالركوع. والمعهود في مثله من القرآن كونه من أوامر، ما هو ركن الصلاة بالاستقراء نحو {اسجدي واركعي مع الراكعين} انتهى. قلت: لا عبرة بمثل هذا الاستقراء، والرأي الفاسد بعد ما ثبت السجدة الأخيرة من سورة الحج بالأحاديث وآثار الصحابة. فالحق أن في سورة الحج سجدتين، كما ذهب إليه الشافعي وأحمد. قال الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين (ج٢: ص٨) : فأما الرأي فيدخل على فساده وجوه. منها، أنه مردود بالنص. ومنها أن اقتران الركوع بالسجود في هذا الموضع لا يخرجه عن كونه موضع سجدة. كما أن اقترانه بالعبادة التي هي أعم من الركوع، لا يخرجه عن كونه سجدة، وقد صح سجوده في النجم، وقد قرن السجود فيها بالعبادة، كما قرنه بالعبادة في سورة الحج، والركوع لم يزده إلا تاكيداً. ومنها أن أكثر السجدات المذكورة في القرآن متناولة لسجود الصلاة، ثم بينها، ثم قال: فإرادة سجود الصلاة بآية السجدة لا تمنع كونها سجدة، بل تؤكدها وتقويها. ثم ذكر ما يوضح ذلك. ثم قال: وهذا السجود شرعه الله ورسوله عبودية عند تلاوة هذه الآيات وإستماعها، وقربة إليه، وخضوعاً لعظمته، وتذللاً بين يديه. واقتران الركوع ببعض آياته مما يؤكد ذلك ويقويه، لا يضعفه ويوهيه وأما قوله تعالى. {يا مريم اقنتي لربك} الخ، فإنما لم يكن موضع سجدة؛ لأنه خبر خاص عن قول الملائكة، لامرأة بعينها أن تديم العبادة لربها بالقنوت، وتصلي له بالركوع والسجود، فهو خير عن قول الملائكة لها ذلك، وإعلام من الله تعالى لنا، أن الملائكة قالت ذلك لمريم. فسياق ذلك غير سياق آيات السجدات - انتهى. (رواه أبوداود والترمذي) وأخرجه أيضاً ابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص٢٨٩) وأحمد في المسند (ج٤: ص١٥١-١٥٥) والدارقطني (ص١٥٧) ، والحاكم (ج١: ص٢٢١- ج٢: ص٢٩٠) والبيهقي (ج٢: ص٣١٧) كلهم من طريق ابن لهيعة، عن مشرع بن هاعان عن عقبة بن عامر. وقد ذكر الحاكم، أنه تفرد به ابن لهيعة. وأكده الحاكم، بأن الرواية صحت فيه من قول عمر وابنه وابن مسعود وابن عباس وأبي الدرداء وأبي موسى وعمار. ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>