للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم أقصر عن الصلاة، فإن حينئذٍ تسجر جهنم. فإذا أقبل الفيء،

ــ

الإستواء. وتخصيص الرمح بالذكر؛ لأن العرب كانوا إذا أرادوا معرفة الوقت ركزوا رماحهم في الأرض، ثم نظروا إلى ظلها. وقال النووي: قوله: حتى يستقل الظل بالرمح أي يقوم مقابلة في جهة الشمال، ليس مائلاً إلى المغرب ولا إلى المشرق، وهو حالة الإستواء. وقال التوربشتي كذا في نسخ المصابيح، وفيه تحريف، وصوابه حتى يستقل الرمح بالظل، ووافقه صاحب النهاية حيث قال: حتى يبلغ ظل الرمح المغروز في الأرض أو في غاية القلة والنقص. فقوله: يستقل من القلة، لا من الإقلال والاستقلال الذي بمعنى الارتفاع والاستبداد. قال الطيبي: كيف ترد نسخ المصابيح مع موافقتها بعض نسخ مسلم وكتاب الحميدي، على أن لها محامل: منها أن معناه أن يرتفع الظل معه ولا يقع منه شيء على الأرض، من قولهم استقلت السماء ارتفعت. ومنها أن يقدر المضاف، أي يعلم قلة الظل بواسطة ظل الرمح. ومنها أن يكون من باب عرضت الناقة على الحوض، وطينت بالفدن السياعا. قال صاحب المفتاح: لا يشجع على القلب الإكمال البلاغة مع ما فيه من المبالغة من أن الرمح صار بمنزله الظل في القلة، والظل بمنزلة الرمح - انتهى. قلت: وقع في رواية لأحمد: حتى يستقل الرمح بالظل، وفي أخرى: حتى يقوم الظل قيام الرمح، وفي رواية أبي داود: حتى يعدل الرمح ظله. ولفظ النسائي حتى تعتدل الشمس اعتدال الرمح بنصف النهار. وفي رواية لأحمد، وهي عند ابن ماجه أيضاً: حتى يقوم العمود على ظله. قال السندي: العمود خشبة يقوم عليها البيت. والمراد حتى يبلغ الظل في القلة بحيث لا يظهر إلا تحت العمود قائم عليه، والمراد وقت الاستواء. (فإن حينئذٍ) أي حين يستقل الظل بالرمح. (تسجر جهنم) بالتشديد والتخفيف مجهولاً، أي يوقد عليها إيقاداً بليغاً، من سجرّ التنور بالتخفيف والتشديد، ملأه وقوداً وأحماه. قال ابن الملك: أي تملأ نيران جهنم وتوقد، ولعل تسجيرها حينئذٍ لمقارنة الشيطان الشمس وتهيئة عباد الشمس أن يسجدوا لها. وقال الخطابي في المعالم (ج١: ص٢٧٦) : ذكر تسجير جهنم، وكون الشمس بين قرني الشيطان، وما أشبه ذلك من الأشياء التي تذكر على سبيل التعليل لتحريم شيء، أو لنهي عن شيء أمور لا تدرك معانيها من طريق الحس والعيان، وإنما يجب علينا الإيمان بها والتصديق بمخبوآتها، والانتهاء إلى أحكامها التي علقت بها - انتهى. قال ابن حجر: واسم "إن" أن المصدرية المقدرة على حد قوله تعالى: {ومن آياته يريكم البرق} [٣٠: ٢٤] أو ضمير الشأن. وما قيل إنه لا يحذف؛ لأن القصد به التعظيم، وهو يفوت بحذفه، مردود بأن سبب دلالته على التعظيم إبهامه، وحذفه أدل على الإبهام. ومن ثم حذف في قوله تعالى: {من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم} [٩: ١١٧] . (فإذا أقبل الفيء) أي ظهر إلى جهة المشرق. والفيء مختص بما بعد الزوال. وأما الظل فيقع على ما قبل الزوال وما بعده، قاله النووي. وقال القاري: أي رجع بعد ذهابه من وجه الأرض، فهذا وقت الظهر. والفيء ما نسخ الشمس,

<<  <  ج: ص:  >  >>