فصل، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفار. قال: قلت: يا نبي الله! فالوضوء حدثني عنه. قال: ما منكم رجل يقرب وضوءه فيمضمض ويستنشق فيستنثر، إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله، إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين، إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه
ــ
وذلك بالعشي. والظل ما نسخته الشمس وذلك بالغدوة. (فصل) أي صلاة تريدها. (حتى تصلي العصر) أي فرضه قال النووي: فيه دليل على أن النهي لا يدخل بدخول وقت العصر، ولا بصلاة غير المصلي، وإنما يكره لكل إنسان بعد صلاته العصر، حتى لو أخرها عن أول الوقت لم يكره التنفل قبلها. (حتى تغرب الشمس) أي بالكلية. (وحينئذٍ يسجد لها الكفار) أي فلا يشابه أهل النار في عبادتهم فضلاً عن غيرها. (فالوضوء) بالرفع. وقيل: بالنصب. (حدثني عنه) أي أخبرني عن فضله. (يقرب) بالتشديد على بناء الفاعل أو المفعول. (وضوءه) بفتح الواو، أي الماء الذي يتوضأ به. (فيمضمض) أي بعد غسل اليدين والتسمية والنية. (ويستنشق) أي يدخل الماء في الأنف. (فيستنثر) أي يخرج ما في الخيشوم من الأوساخ. (إلا خرت) استثناء مفرغ. قال الطيبي: قوله: إلا خرت خبر ما، والمستثنى منه مقدر، أي ما منكم رجل متصف بهذه الأوصاف، كائن على حال من الأحوال إلا على هذه الحالة. وعلى هذا المعنى ينزل سائر الاستثناءات وإن لم يصرح بالنفي فيها لكونها في سياق النفي بواسطة ثم العاطفة، أي سقطت. (خطايا وجهه) من الصغائر قال النووي: هكذا ضبطناه خرت بالخاء المعجمة. وكذا نقله القاضي عن جميع الرواة إلا ابن أبي جعفر، فرواه جرت بالجيم - انتهى. أي جرت مع ماء الوضوء وذهبت ذنوب وجهه. (وفيه) أي خطايا فمه من جهة الكلام والطعام. (وخياشيمه) أي أنفه جمع خيشوم، وهو باطن الأنف من جهة رائحة طيب محرم على جهة القصد. والظاهر أن عطف "فيه" وما بعده على ما قبله تفسيري لقوله: (ثم إذا غسل وجهه) أي كله أو باقيه. (كما أمره الله) أن يبدأ بغسله. (إلا خرت خطايا وجهه) من ذنوب عينيه. (من أطراف لحيته) أي موضعها. (ثم يغسل يديه إلى المرفقين) أي منضمتين إليهما، أو إلى بمعنى مع. (من أنامله) هي رؤس أصابعه. (ثم يمسح رأسه) ظاهره الاستيعاب. (إلا خرت خطايا رأسه) ومنها