في التقريب في ترجمته: ضعيف، فحديث ابن عمر هذا ضعيف لا يصلح للاستدلال والتخصيص، والظاهر عندي أن الحديث موقوف من قول ابن عمر وفتياه، كما يدل عليه فعله، فوهم فيه يحيى البابلتي وجعله مرفوعاً من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أقيمت الصلاة الخ مطلق غير مقيد بالمسجد بل هو عام للمسجد وغيره، فيجب حمله على عمومه ولا يجوز قصره على المسجد؛ لأن تخصيص النص بالرأي غير جائز ابتداء، فلا يخص إلا بدليل من الكتاب والسنة الصحيحة، ولا يجوز تخصيصه بقول أحد كائناً من كان، والحجة هي السنة دون فهم الصحابي وفعله أو قوله، وعلة النهي أنما هو الاشتغال بالنافلة عن الفريضة عند الإقامة أو بعدها وقد جاء ذلك مصرحاً في بعض الروايات، كما تقدم، ولا دخل للمسجد في العلية وأما ما قال ابن رشد في ذكر وجه الاختلاف بين مالك وأبي حنيفة في القدر الذي يراعي من فوات الفضيلة من أن أبا حنيفة قيد بإدراك الركعة؛ لأن فضل الجماعة إنما يحصل عنده بإدراك ركعة ففيه أن إدراك الفضل لا يتوقف عندهم على إدراك الركعة بل يحصل ذلك بإدراك التشهد أيضاً. قال الشامي (ج١: ص٦٧١) : المداد هنا على إدراك فضل الجماعة، وقد اتفقوا على إدراكه بإدراك التشهد، فيأتي بالسنة اتفاقاً أي لو رجا إدراك التشهد، كما أوضحه في الشرنبلالية أيضاً، وأقره في شرح المنية وشرح نظم الكنز وحاشية الدرر لنوح آفندي وشرحها للشيخ إسماعيل ونحوه في القهستاني، وجزم به الشارح في المواقيت - انتهى. قال صاحب الفيض: ثم وسع محمد (رح) في إدراك ركعة، وأجاز بهما عند إدراك القعدة أيضاً. ثم مشائخنا وسعوا بهما في المسجد أيضاً. (وحكاه النووي في شرح مسلم عن أبي حنيفة وأصحابه) ، وأظن أن أول من وسع بهما في المسجد هو الطحاوي فذهب إلى جوازهما في ناحية المسجد بشرط الفصل بينهما وبين المكتوبة حتى لا يعد واصلاً بينهما وبين المكتوبة، وهو مثار النهي عنده. ولعلك علمت أن القيدين الذين كان صاحب المذهب ذكرهما ارتفع أحدهما بتوسيع محمد، والآخر بتوسيع الطحاوي. أما أنا فأعمل بمذهب الإمام أبي حنيفة، وقد أفتى به الناس - انتهى. قلت: مناط النهي وعلته عند الطحاوي هو اختلاط الفرض والنفل، ومخالطة الصف، وعدم الفصل بين النافلة والفريضة في المكان، فقد قال في تأويل حديث أبي هريرة أنه قد يجوز أن يكون أراد بهذا النهي عن أن يصلى غيرها في موطنها الذي فيه، فيكون مصليها قد وصلها بتطوع فيكون النهي من أجل ذلك لا من أجل أن يصلى في آخر المسجد، ثم يتنحى الذي يصليها من ذلك المكان، فيخالط الصفوف ويدخل في الفريضة - انتهى. واستدل لذلك بما رواه هو وأحمد (ج٥: ص٣٤٥) عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن عبد الله بن مالك بن بحينة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بعبد الله بن مالك بن بحينة وهو منتصب يصلي ثمة بين يدي نداء الصبح فقال: لا تجعلوا هذه الصلاة كصلاة قبل الظهر وبعدها، واجعلوا بينهما