١٠٦٦- (٨) وعن ابن عمر، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا استأذنت إمرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها))
ــ
المتعسف قال الطحاوي: أصل الحديث عن أبي هريرة أي من قوله لا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، هكذا رواه الحفاظ عن عمرو بن دينار حدثنا أبوبكرة ثنا أبوعمر الضرير أنا حماد بن سلمة وحماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة بذلك ولم يرفعه، فصار أصل هذا الحديث عن أبي هريرة لا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت كلام الطحاوي هذا مبني على فرط تعصبه، جعل المرفوع موقوفاً حمية لمذهبه. والحديث رواه جمع من الحفاظ مثل ورقاء بن عمر وزكريا بن إسحاق وابن جريج وأيوب وزياد بن سعد وإسماعيل بن مسلم ومحمد بن جحادة وإسماعيل بن إبراهيم بن مجمع، كلهم عن عمرو بن دينار مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورواه بعض الحفاظ كحماد بن زيد وسفيان بن عيينة وحماد بن سلمة عن عمرو بن دينار موقوفاً على أبي هريرة، لكن ذكر البيهقي في المعرفة بعد روايته من طريق سعيد بن منصور عن سفيان موقوفاً إلا أنه (أي سعيد بن منصور) قال في آخره قلت لسفيان مرفوعاً؟ قال نعم. وأما حماد بن سلمة فاختلف عليه: فروى مسلم بن إبراهيم عند أبي داود والدارمي، وموسى بن إسماعيل عند البيهقي عن حماد بن سلمة مرفوعاً، وروى أبوعمر الضرير عنه عند الطحاوي موقوفاً. فقد ظهر من هذا أن أكثر الرواة رفعوه، ومن المعلوم أن الرفع مقدم على الوقف، وإن كان عدد الرافعين أقل، فكيف إذا كان أكثر، فالحديث لا يشك من له أدنى عقل وخبرة في أن أصله من النبي - صلى الله عليه وسلم - لا عن أبي هريرة، ولذا اتفق الحفاظ كالترمذي والبيهقي والنووي وغيرهم على أن الحديث المرفوع أصح. وأما ما وقع في صحيح مسلم من أنه قال حماد بن زيد (الراوي عن أيوب عن عمرو بن دينار مرفوعاً) : ثم لقيت عمراً فحدثني به ولم يرفعه، فلا يقدح في صحة الحديث ورفعه؛ لأن غاية ما فيه أنه يدل على أن عمرو بن دينار كان لا يرفعه تارة ووقفه مرة أو مرتين، لا يخرج الحديث من أن يكون مرفوعاً في الأصل؛ لأن أكثر الرواة رفعوه، والرفع مقدم، وإن كان عدد الرفع أقل فكيف إذا كان أكثر.
١٠٦٦- قوله:(إذا استأذنت إمرأة أحدكم) أي زوجها في الذهاب. (إلى المسجد) أو ما في معناه كشهود العيد وعيادة المريض. (فلا يمنعها) بالجزم والرفع. وفي بعض النسخ: فلا يمنعنّها بالنون الثقيلة المؤكدة. وفي الصحيحين: فلا يمنعها بغير النون كما في الكتاب، وهو عام يشمل الليل والنهار، فما وقع في بعض طرق حديث ابن عمر عند الشيخين قوله: بالليل من ذكر فرد من أفراد العام فلا يخصص على الأصح في الأصول كحديث: دباغها طهورها في شاة ميمونة مع حديث: أيما إهاب دبغ فقد طهر. وقيل: خص الليل بالذكر لما فيه من الستر بالظلمة. وقيل: التقييد بالليل من مفهوم الموافقة؛ لأنه إذا أذن لهن بالليل مع أنه مظنة الريبة فالإذن بالنهار بطريق الأولى. ثم مقتضى هذا النهي أن منع المرأة من الخروج إلى المسجد إما مطلقاً في الأزمان كما في هذه الرواية