مع القوم في الصلاة، وعن ابن عباس أنه صلى ركعتين في المسجد ثم دخل مع الإمام، وعن مسروق وأبي عثمان النهدي والحسن البصري مثل ذلك. ففيه ما قال العلامة العظيم آبادي في أعلام أهل العصر: إن في طبقة الصحابة إن كان ابن مسعود وأبوالدرداء يريان جواز فعلمها فعمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وأبوهريرة وأبوموسى الأشعري وحذيفة لا يرون ذلك، أما عمر فيضرب الناس لأجلها، وابنه عبد الله يحصب على من يصلي، وأبوهريرة ينكر على ذلك، وأبوموسى وحذيفة دخلا في الصف ولم يركعا كما ركع ابن مسعود. وأما ابن عباس فقد تعارض بين روايته وفعله، والحجة في روايته دون فعله. وأما في طبقة التابعين ومن بعدهم من الأئمة فإن كان مسروق والحسن ومجاهد ومكحول وحماد بن أبي سليمان وأبوحنيفة النعمان يرون ذلك. فسعيد ابن جبير وابن سيرين وعروة بن الزبير وإبراهيم النخعي وعطاء والشافعي وأحمد وابن المبارك وإسحاق وجمهور المحدثين لا يرون ذلك. ولنعم ما قال ابن عبد البر: والحجة عند التنازع السنة، فمن أدلى بها فقد أفلح. وترك التنفل عند إقامة الصلاة وتداركها بعد قضاء الفرض أقرب إلى إتباع السنة. فأسعد الناس بامتثال هذا الأمر من لم يتشاغل عنه بغيره. وأما ما أخرجه ابن ماجه من حديث أبي إسحاق عن الحارث عن على قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي ركعتين عند الإقامة، فهو حديث ضعيف جداً لا تقوم بمثله الحجة، فيه الحارث الأعور وهو ضعيف، بل قد رمى بالكذب. واختلف فيمن شرع في النافلة قبل الإقامة هل يقطع الصلاة أم يتمها. قال المنذري: ذهب بعض الظاهرية إلى أنه يقطع صلاته إذا أقيمت عليه الصلاة. وقال الحافظ في الفتح: واستدل بعموم قوله: "فلا صلاة إلا المكتوبة" لمن قال يقطع النافلة إذا أقيمت الفريضة، وبه قال أبوحامد وغيره من الشافعية، وخص آخرون النهي بمن ينشأ النافلة عملاً بعموم قوله تعالى:{لا تبطلوا أعمالكم}[٤٧: ٣٣] . وقال العراقي: قال الشيخ أبوحامد من الشافعية: إن الأفضل خروجه من النافلة إذا أداه إتمامها إلى فوت فضيلة التحريم. وهذا واضح- انتهى. قلت: الراجح عندي أن يقطع صلاته عند الإقامة. إن بقيت عليه ركعة، فإن أقل الصلاة ركعة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لا صلاة بعد الإقامة إلا المكتوبة، فلا يجوز له أن يصلي ركعة بعد الإقامة. وأما إذا أقيمت الصلاة وهو في السجدة أو في التشهد فلا بأس لو لم يقطعها وأتمها؛ لأنه لا يصدق عليه أنه صلى صلاة أي ركعة بعد الإقامة. وأما قوله تعالى:{لا تبطلوا أعمالكم} فقد سبق في توجيهه ما لا يخدش هذا الاستدلال، فتذكر. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه والدارمي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والطحاوي والبيهقي كلهم من رواية عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة. واختلف على عمرو بن دينار في رفعه ووقفه. وقيل: إن ذلك هو السبب في كون البخاري لم يخرجه، والمرفوع أصح؛ لأن الرفع زيادة ثقة، ولا يقدح عدم إخراج البخاري في صحيحه في رفعه وصحته، كما لا يخفى على المنصف غير