والصلاة واجبة على كل مسلم براً أو فاجراً، وإن عمل الكبائر)) . رواه أبوداود.
ــ
دليل الطالب (ص ٣٣٥- ٣٣٩) . (والصلاة) أي صلاة الجنازة. (واجبة) أي فرض كفاية عليكم أن تصلوا. (على كل مسلم) أي ميت ظاهر الإسلام. (براً كان أو فاجراً) فيه دليل على أنه يصلي على كل من مات مسلماً ولو كان فاسقاً. وإليه ذهب مالك والشافعي وأبوحنيفة وجمهور العلماء. قال النووي: قال القاضي: مذهب العلماء كافة الصلاة على كل مسلم ومحدود ومرجوم وقاتل نفسه وولد الزنا- انتهى. وتعقب بأن الزهري يقول: لا يصلى على المرجوم، وقتادة يقول: لا يصلى على ولد الزنا، وقال عمر بن عبد العزيز والأوزاعي: لا يصلى على الفاسق، ووافقهما أبوحنيفة في الباغي والمحارب، ووافقهما الشافعي في قول له في قاطع الطريق. والحق أن من قال كلمة الشهادة فله ما للمسلمين، ومنه صلاة الجنازة، ولأن عموم شرعية صلاة الجنازة لا يخص منه أحد من أهل كلمة الشهادة إلا بدليل، نعم يستحب للامام، وكذا لأهل العلم والصلحاء والأتقياء خاصة أن يتركوا الصلاة على الفاسق، سيما تارك الصلاة والمديون والغال وقاتل نفسه زجراً للناس. يدل على ذلك امتناعه - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة على الغال والمديون، وأمرهم بالصلاة عليهما بقوله: صلوا على صاحبكم. ويدل عليه أيضاً حديث الذي قتل نفسه بمشاقص، فقال - صلى الله عليه وسلم -: أما أنا فلا أصلي عليه، ولم ينههم عن الصلاة عليه. (وإن عمل الكبائر) قال ابن مالك: هذا يدل على أن من أتى الكبائر لا يخرج عن الإسلام، وأنها لا تحبط الأعمال الصالحة، يعني خلافاً للمبتدعة فيهما. (رواه أبوداود) أي من طريق مكحول عن أبي هريرة في باب الغزو، مع أئمة الجور من كتاب الجهاد، وأخرجه أيضاً في باب إمامة البر والفاجر من كتاب الصلاة مختصراً بإسناده في الجهاد على ما في بعض النسخ. ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في المعرفة والسنن الكبرى (ج٣ ص١٢١) ، وأخرجه أيضاً الدارقطني (ص١٥٨) قال الزيلعي في نصب الراية (ج٢ ص٢٧) : ضعفه أبوداود بأن مكحولاً لم يسمع من أبي هريرة. وقال الدارقطني: مكحول لم يسمع من أبي هريرة، ومن دونه ثقات. وقال البيهقي: إسناده صحيح إلا أن فيه انقطاعاً بين مكحول وأبي هريرة. قال ابن الهمام بعد ذكر كلام الدارقطني: وحاصله أنه من مسمى الإرسال عند الفقهاء، وهو مقبول عندنا، وقد روي هذا المعنى من عدة طرق للدارقطني وأبي نعيم والعقيلي، كلها مضعفة من قبل بعض الرواة. وبذلك يرتقي إلى درجة الحسن عند المحققين، وهو الصواب- انتهى. وقال ابن حجر: الحديث وإن كان مرسلاً لكنه اعتضد بفعل السلف. قلت: في كلام ابن الهمام نظر لا يخفى على من له وقوف على طريق الحديث، وكلام الأئمة فيه. والحديث أخرجه الدارقطني أيضاً من حديث الحارث عن علي، ومن حديث علقمة والأسود عن عبد الله، ومن حديث مكحول أيضاً عن واثلة، ومن حديث أبي الدرداء من طرق كلها، كما قال الحافظ واهية جداً. قال العقيلي: ليس في هذا المتن إسناده يثبت. ونقل