مرفوعاً. قال الحافظ في الفتح: اسناده ضعيف وأجيب عنه بأنه من قول الصحابي وللاجتهاد فيه مسرح، فلا يكون حجة سيما وقد ورد ما يدل على خلافه، وهو حديث عمرو بن سلمة الجرمي الذي نحن بصدد شرحه، واحتج ابن حزم على عدم الصحة بأنه - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يؤمهم أقرأهم. قال: فعلى هذا إنما يؤم من يتوجه إليه الأمر، والصبي ليس بمأمور؛ لأن القلم رفع عنه، فلا يؤم كذا قال، ولا يخفى فساده؛ لأنا نقول: المأمور من يتوجه إليه الأمر من البالغين بأنهم يقدمون من اتصف بكونه أكثر قرآناً فبطل ما احتج به، كذا في الفتح قال الحنيفة: ومن وافقهم حديث عمرو هذا لاحجة فيه على صحة إمامة الصبي؛ لأنه لم يرد أن ذلك كان عن أمره - صلى الله عليه وسلم - ولا عن علمه وتقريره وإنما قدموه باجتهادهم، ورد بأن دليل الجواز وقوع ذلك في زمن الوحي ولا يقرر فيه على فعل ما لا يجوز، سيما في الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام، وقد نبه - صلى الله عليه وسلم - بالوحي على القذى الذي كان في نعله، فلو كان إمامة الصبي لا تصح لنزل الوحي بذلك. وقد استدل أبوسعيد وجابر بأنهم كانوا يعزلون والقرآن ينزل، والوفد الذين قدموا عمراً كانوا جماعة من الصحابة. قال ابن حزم في المحلى (ج٤ ص٢١٨) بعد رواية الحديث: فهذا فعل عمرو بن سلمة، وطائفة من الصحابة معه لا يعرف لهم من الصحابة مخالف فأين الحنفيون والمالكيون المشنعون بخلاف الصحابة، إذا وافق تقليدهم وهم أترك الناس له لا سيما من قال منهم أن ما لا يعرف فيه خلاف فهو إجماع. وقد وجدنا لعمرو هذا صحبة ووفادة على النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أبيه- انتهى. وقال الحافظ في الفتح: لم ينصف من قال: إنهم فعلوا ذلك باجتهادهم ولم يطلع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك؛ لأنها شهادة نفي، ولأن زمن الوحي لا يقع التقرير فيه على ما لا يجوز، كما استدل أبوسعيد وجابر لجواز العزل، لكونهم فعلوه عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان منهيا عنه لنهي عنه في القرآن - انتهى. وأجابوا أيضاً بما ذكر الخطابي في المعالم (ج١ ص١٦٩) : عن أحمد بن حنبل أنه كان يضعف أمر عمرو بن سلمة، وأنه قال: مرة دعه ليس بشيء بين، وبأنه لم يخرج البخاري حديث عمرو هذا في باب إمامة العبد والمولى وولد البغي والأعرابي والغلام الذي لم يحتلم، ولم يستدل به على إمامة غير البالغ، بل احتج لذلك بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: يؤمهم أقرأهم لكتاب الله. والظاهر أنه فعل ذلك؛ لأنه رأى حديث عمرو غير بين في الدلالة على ذلك فتوقف فيه كما توقف أحمد، فقد نقل أيضاً عنه أنه قال:"لا أدري ما هذا" فلعله لم يتحقق بلوغ أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورد بأن عمرو بن سلمة، هذا صحابي. وقد روى ما يدل على أنه وفد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تقدم، وحديثه هذا صحيح، وظاهر في الدلالة على إمامة الصبي، كما تقدم وجه الاستدلال به، فلا معنى لتضعيف أمره والتوقف في الاستدلال به على جواز إمامة غير البالغ للمكلف. وأجابوا أيضاً بأن عمرو بن سلمة كان عند إمامته لقومه بالغاً، ثم اختلفوا فقال قائل وهو