ألا تغطون عنا أست قارئكم؟ فاشتروا، فقطعوا لي قميصاً، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص)) .
ــ
وانضمت وارتفعت عني لقصرها وصغرها وضيقها وفتقها حتى يظهر شيء من عورتي. وفي رواية أبي داود: تكشفت عني. وفي أخرى: خرجت أستى. (ألا) بتخفيف اللام فالهمزة للإنكار. (عنا) أي عن قبلنا أو عن جهتا. (أست قارئكم) بهمزة وصل أي دبره وعجزه، ولأبي داود: فقالت امرأة من النساء واروا عنا عورة قارئكم. قال في لسان العرب: الستة والأست معروفة، وهومن المحذوف المجتبلة له ألف الواصل الجوهري والأست العجز، وقد يراد به حلقة الدبر، وأصله سته على فعل بالتحريك يدل على ذلك أن جمعه أستاه مثل جمل وأجمال. (فاشتروا) مفعوله محذوف أي ثوباً. ولأبي داود: فاشتروا لي قميصاً عمانياً بضم العين مخففاً نسبه إلى عمان من البحرين. (فرحي) أي مثل فرحي. (بذلك القميص) إما لأجل حصول التستر وعدم تكلف الضبط وخوف الكشف، وإما فرح به كما هو عادة الصغار بالثواب الجديد. وزاد أبوداود في رواية له: قال عمرو بن سلمة فما شهدت مجمعاً من جرم إلا كنت إمامهم. والحديث فيه دليل على أن الأحق بالإمامة الأقرأ. وأن المراد بالأقرأ في حديث أبي مسعود وأبي مسعود وأبي سعيد السابقين الأكثر جمعاً للقرآن لا الأحسن قراءة والأكثر علماً وفقهاً. وفي تقديم عمرو بن سلمة وهو ابن سبع سنين، أو ثمان سنين، دليل على جواز إمامة الصبي المميز للمكلفين في النافلة والفريضة. وقد اختلف الناس فيه: فممن أجاز ذلك الحسن البصري وإسحاق بن راهوية والبخاري، والشافعي وله في الجمعة قولان: قال في الأم: لا تجوز. وقال في الإملاء: تجوز، وكرهه عطاء والشعبي ومالك والأوزاعي والثوري وأحمد، وإليه ذهب أصحاب الرأي. قال في المرقاة: في الحديث دليل على جواز إمامة الصبي. وبه قال الشافعي، وعنه في الجمعة قولان: وقال مالك وأحمد لا يجوز إمامة الصبي، وكذا قال أبوحنيفة: واختلف أصحابه في النفل، فجوزه مشائخ بلخ، وعليه العمل عندهم وبمصر والشام، ومنعه غيرهم وعليه العمل بما وراء النهر- انتهى. وقال الحافظ في الفتح: وعن أبي حنيفة وأحمد روايتان، والمشهور عنهما الاجزاء في النوافل دون الفرائض، واستدل من منع إمامة الصبي بأنه متنفل لعدم وجوب الصلاة عليه، ولا يجوز اقتداء المفترض به، أي بالمتنفل؛ لأن صلاة الإمام متضمنة لصلاة المقتدي صحة وفساداً، لقوله عليه السلام: الإمام ضامن. ولا شك أن الشيء يتضمن ما هو دونه لا ما هو فوقه، فلم يجز اقتداء البالغ بالصبي، وأجيب بأن انتفاع وجوب الصلاة على الصبي لا يستلزم عدم صحة إمامته، لما تقدم من صحة صلاة المفترض خلف المتنفل في باب القراءة. وسيأتي أيضاً. وأما قوله عليه السلام:"الإمام ضامن" فقد سبق بيان معناه ووجه عدم صحة الاستدلال به على مدعاهم في باب فضل الأذان، واستدلوا أيضاً بما روى عن ابن مسعود قال: لا يؤم الغلام حتى تجب عليه الحدود، وعن ابن عباس قال: لا يؤم الغلام حتى يحتلم. أخرجهما الأثرم في سننه، وأثر ابن عباس أخرجه عبد الرزاق عنه