للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تفتن أمه)) .

ــ

بعضه بعضا- انتهى. (وإن كان) إن هذه هي المخففة من المثقلة، واسمها ضمير الشأن، وكان خبرها أي أنه كان (ليسمع بكاء الصبي) فيه جواز ادخال الصبيان المساجد وإن كان الأولى تنزيه المساجد عمن لا يؤمن حدثه فيها؛ لحديث "جنبوا مساجدنا صبيانكم" الخ. أخرجه ابن ماجه بسند ضعيف جداً. وقال الحافظ: فيه أي في الاستدلال بحديث الباب على جواز إدخال الصبيان المساجد نظر، لاحتمال أن يكون الصبي كان مخلفاً في بيت بقرب من المسجد بحيث يسمع بكاءه. (فيخفف) بين مسلم في رواية ثابت عن أنس محل التخفيف ولفظه: "فيقرأ بالسورة القصيرة". وبين أبي شيبة من طريق عبد الرحمن بن سابط مقدارها ولفظه: أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ في الركعة الأولى بسورة طويلة فسمع بكاء صبي فقرأ بالثانية بثلاث آيات، وهذا مرسل، كذا في الفتح. وذكر العيني حديث ابن سابط بلفظ "قرأ في الركعة الأولى بسورة نحو ستين آية فسمع بكاء الصبي" الخ. (مخافة أن تفتن أمه) بضم المثناة الفوقية مبنياً للمفعول من الثلاثي ومن الأفعال والتفعيل أي تلتهى عن صلاتها لاشغال قلبها ببكائه، زاد عبد الرزاق من مرسل عطاء أو تتركه فضيع. وقوله: "مخافة بفتح الميم منصوب على التعليل مضاف إلى أن المصدرية، أي خوفاً من افتتان أمه. وفي نسخة أبي ذر من البخاري "أن يفتن" بفتح المثناة التحتية وكسر ثالثه مبنياً للفاعل، وأمه بالنصب على المفعولية. وذكره الجزري في جامع الأصول (ج٦ ص٣٧٤) بلفظ "مخافة أن تفتن أمه" أي من الافتنان، وفي الحديث دلالة على كمال شفقة النبي - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه ومراعاة أحوال الكبير مهم والصغير، وعلى مشروعية إيثار تخفيف الصلاة للأمر يحدث. قال السندي: وربما يؤخذ منه أن الإمام يجوز له مراعاة من دخل المسجد بالتطويل ليدرك الركعة كما له أن يخفف لأجلهم ولا يسمى مثله رياء بل هو إعانة على الخير وتخليص عن الشر- انتهى. وقال الخطابي في المعالم (ج١ ص١٠٢) : فيه دليل على أن الإمام وهو راكع إذا أحس برجل يريد الصلاة معه كان له أن ينتظره راكعاً ليدرك فضيلة الركعة في الجماعة؛ لأنه إذا كان له أن يحذف من طول الصلاة لحاجة الإنسان في بعض أمور الدنيا كان له أن يريد فيها لعبادة الله، بل هو أحق بذلك وأولى. وتعقبه القرطبي بأن في التطويل ههنا زيادة عمل في الصلاة غير مطلوب بخلاف التخفيف والحذف فإنه مطلوب- انتهى. قال ابن بطال: وممن أجاز ذلك الشعبي والحسن وعبد الرحمن بن أبي ليلى. وقال آخرون: ينظر ما لم يشق على أصحابه، وهو قول أحمد وإسحاق وأبي ثور. وقال مالك: لا ينتظر؛ لأنه يضر من خلفه، وهو قول الأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي، ذكره العيني. وقال الحافظ في هذه المسألة خلاف عند الشافعية وتفصيل. وأطلق النووي عن المذهب استحباب ذلك. وفي التجريد للمحاملى: نقل كراهيته عن الجديد، وبه قال الأوزاعي ومالك وأبوحنيفة وأبويوسف. وقال محمد بن الحسن: أخشى أن يكون شركاً- انتهى. قلت: القول بكراهة ذلك لحمله على الرياء وتوهم الشرك فيه غفلة عظيمة من قائله، وتنطع في الدين، وتعمق في الشريعة لا يصح لأهل الورع

<<  <  ج: ص:  >  >>