للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه أبو داود.

٧٤- (١٢) وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله

ــ

الشيطان يأمر الناس بالكفر قبل هذا، وأما الآن فلا سبيل له إليهم سوى الوسوسة، ولا بأس بها مع العلم بأنها قبيحة والتعوذ بالله منها، أو المعنى: الحمد لله الذي رد شأن هذا الرجل من الكفر إلى الوسوسة، وهي معفوة - انتهى. (رواه أبوداود) في الأدب، وأخرجه أيضاً أحمد والنسائي وابن أبي شيبه، وصححه ابن حبان.

٧٤- قوله: (إن للشيطان) أي إبليس أو بعض جنده (لمة) أي قرباً أي وساوس، يوصلها إلى قلب العبد المكلف بحيث يقربه إلى المعاصي، واللمة بفتح اللام وشدة الميم من الإلمام ومعناه النزول والقرب والإصابة، والمراد بها ما يقع في القلب بواسطة الشيطان من خطرات الشر (بابن آدم) أي بهذا الجنس، فالمراد به الإنسان (وللملك لمة) المراد بها ما يقع في القلب من خطرات الخير، ولمة الشيطان تسمى وسوسة ولمة الملك إلهامًا (فأما لمة الشيطان) أي وسوسته (فإبعاد) أي منه (بالشر) كالكفر والفسق والظلم (وتكذيب بالحق) أي في حق الله أو حق الخلق، أو بالأمر الثابت كالتوحيد والنبوة والبعث والقيامة والجنة والنار. قال المناوي: كان القياس مقابلة الشر بالخير أو الحق بالباطل، لكنه أتى بما يدل على أن كل ما جر إلى الشر باطل أو إلى الخير حق، فأثبت كلا ضمنياً (فإيعاد بالخير) كالصلاة والصوم (وتصديق بالحق) ككتب الله ورسله، والإيعاد في اللمتين من باب الإفعال، والوعيد في الاشتقاق كالوعد، إلا أن الإيعاد اختص بالشر عرفاً، يقال: أوعد إذا وعد بالشر، إلا أنه استعمله في الخير للازدواج والأمر من عن الاشتباه بذكر الخير بعده. قال القاري: إن هذا التفصيل عند الإطلاق كما قال الشاعر:

وإني وإن أوعدته أو وعدته لملخف إيعادي ومنجز موعدي

وأما عند التقييد فالأولى أن يقال بالتجريد فيهما أو بأصل اللغة، واختيار الزيادة لاختيار المبالغة - انتهى. وقال الشاه ولي الله الدهلوي: الحاصل أن صورة تأثير الملائكة في نشأة الخواطر الأنس والرغبة في الخير، وتأثير الشياطين فيها الوحشة وقلق النفس والرغبة في الشر (فمن وجد) أي في نفسه أو أدرك وعرف (ذلك) أي لمة الملك على تأويل الإلمام أو المذكور (فليعلم أنه من الله) أي منة جسيمة ونعمة عظيمة واصلة إليه ونازلة عليه، إذ أمر الملك بأن يلهمه، أو فليعلم أنه مما يحبه الله ويرضاه (فليحمد الله) أي على هذه النعمة الجليلة حيث أهله لهداية الملك ودلالته على ذلك الخير (ومن وجد الأخرى) أي لمة الشيطان، ولم يصرح به كراهة لتوالي ذكره على اللسان، أو استهجاناًَ لذكره (فليتعوذ بالله

<<  <  ج: ص:  >  >>