قالت: ففعلنا، فاغتسل، فذهب لينوء، فأغمي عليه، ثم أفاق، فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا هم ينتظرونك يا رسول الله! قال ضعوا لي ماء في المخضب، قالت: فقعد فاغتسل، ثم ذهب لينوء، فأغمي عليه، ثم أفاق، فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا هم ينتظرونك يا رسول الله! قال: ضعوا لي ماء في المخضب، فقعد فاغتسل، ثم ذهب لينوء، فأغمي عليه، ثم أفاق، فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا هم ينتظرونك يا رسول الله! والناس عكوف في المسجد.
ــ
من نحاس، كما في رواية ابن خزيمة. (قالت) أي عائشة. (ففعلنا) ما أمر به. (فاغتسل) وللمتسملى: ففعلنا فقعد فاغتسل قال الحافظ: الماء الذي اغتسل به كان من سبع قرب، يشير إلى رواية البخاري في باب الغسل والوضوء في المخضب بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال بعد ما دخل بيته واشتد وجعه: هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلى أعهد إلى الناس، وأجلس في مخضب لحفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم طفقنا نصب عليه تلك، قيل: والحمة في ذلك أن المريض إذا صب عليه الماء البارد ثابت إليه قوته، لكن في مرض يقتضي ذلك والنبي - صلى الله عليه وسلم - علم بذلك، فلذلك طلب الماء ولذلك بعد استعمال الماء قام وخرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم، وأما تعيين العدد بالسبعة فقيل: يحتمل أن يكون ذلك من جهة التبرك بهذا العدد؛ لأن له دخولاً في كثير من أمور الشريعة وأصل الخلقة، والحكمة في عدم حل الأوكية، لكونه أبلغ في طهارة الماء وصفائه لعدم مخالطة الأيدي. قال الحافظ وفي رواية للطبراني من آبار شتى، والظاهر أن ذلك للتداوي لقوله في رواية أخرى في الصحيح: لعلي أستريح فأعهد أي أوصى. (فذهب) أي شرع. (لينوء) بنون مضمومة ثم همزة أي لينهض بجهد ومشقة. وقال الكرماني: وينوء كيقوم لفظاً ومعنى. (فأغمي عليه) بالبناء للمفعول أي لشدة ما حصل له من تناهي الضعف وفتور الأعضاء عن تمام الحركة. قال في المجمع: أغمي على المريض إذا غشي عليه كأنه ستر عقله - انتهى. وفيه أن الإغماء جائز على الأنبياء؛ لأنه مرض من الأمراض بخلاف الجنون فلم يجز عليهم؛ لأنه نقص وقد كملهم الله تعالى بالكمال التام. قال العيني: العقل في الإغماء يكون مغلوباً، وفي الجنون يكون مسلوباً، والحكمة في جواز المرض عليهم ومصائب الدنيا تكثير أجورهم وتسلية الناس بأحوالهم وأمورهم، لئلا يفتتن الناس بهم ويعبدونهم لما يظهر على أيديهم من المعجزات والآيات البينات. (هم ينتظرونك) جملة اسمية وقعت حالاً بلا واو، وهو جائز وقد وقع في القرآن نحو قوله {قلنا اهبطو بعضكم لبعض عدو}[٣٦:٢] وكذلك هم ينتظرونك الثاني. (فأغمي عليه ثم أفاق) وقع الاغماء والإفاقة ثلاث مرات. قال الأسنوي في المهمات: نقل القاضي حسين أن الاغماء لا يجوز على الأنبياء الا ساعة أو ساعتين، فأما الشهر أو الشهرين فلا يجوز كالجنون. (والناس عكوف)