فلما رآه أبوبكر ذهب ليتأخر، فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن لا يتأخر، قال: أجلساني إلى جنبه، فأجلساه إلى جنب أبي بكر، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قاعد. وقال عبيد الله: فدخلت على عبد الله بن عباس، فقلت له: ألا أعرض عليك ما حدثني عائشة عن مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: هات، فعرضت عليه حديثها، فما أنكر منه شيئاً، غير أنه قال: أسمّت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ قلت: لا. قال: هو علي))
ــ
اختلط بآخر عمره، وكان مدلساً، وقد رواه بالعنعنة. وقد قال البخاري: لا نذكر لأبي إسحاق سماعاً عن أرقم ابن شرجيل. (فلما رأه أبوبكر ذهب ليتأخر) أي أراد أن يتأخر وشرع فيه. (فأومأ) بالألف وفي بعض النسخ بالهمزة أي أشار. (قال) أي للرجلين. (فأجلساه إلى جنب أبي بكر والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قاعد) كذا وقع في جميع النسخ الموجودة عندنا. ولفظ البخاري: فأجلساه إلى جنب أبي بكر، قال: فجعل أبوبكر يصلي، وهو يأتم بصلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والناس بصلاة أبي بكر والنبي - صلى الله عليه وسلم - قاعد. ولفظ مسلم: فأجلساه إلى جنيب أبي بكر فكان يصلي أبوبكر وهو قائم بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي - صلى الله عليه وسلم - قاعد. وذكر الجزري في جامع الأصول (ج١١:ص٣٧٢) لفظ مسلم. والظاهر أنه وقع في نسخ المشكاة ههنا سقط من النساخ حتى صار الكلام مهملا. والعجب من القاري أنه لم يتنبه لذلك ومر عليه كأنه رأى معناه واضحاً ليس فيه اختلال ولا إهمال. واستدل بهذا الحديث على أن استخلاف الإمام الراتب إذا اشتكى أولى من صلاته بهم قاعدا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - استخلف أبابكر ولم يصل بهم قاعداً غير مرة واحدة. وفيه دليل على صحة إمامة القاعد المعذور للقائم خلافاً لمالك. وفي الحديث فوائد أخرى غير ما تقدم منها: فضيلة أبي بكر الصديق وترجيحه على جميع الصحابة وتفضيله، وتنبيه على أنه أحق بخلافة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غيره. ومنها: فضيلة عمر بعد أبي بكر؛ لأن أبابكر لم يعدل إلى غيره. ومنها: أن المفضول إذا عرض عليه الفاضل مرتبة لا يقبلها بل يدعها للفاضل إذا لم يمنع مانع. ومنها: الثناء في الوجه لمن أمن عليه الإعجاب والفتنة، لقوله: أنت أحق بذلك. ومنها: أن الإمام إذا عرض له عذر عن حضور الجماعة وأراد أن يستخلف أحداً فلا يستخلف إلا أفضلهم. (وقال عبيد الله) ابن عبد الله بن عتبة. (ألا أعرض) الهمزة للاستفهام ولا للنفي وليس حرف التنبيه ولا حرف التحضيض، بل هو استفهام للعرض. (عن مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي وعن صلاته في تلك الحالة وإنما اقتصر على الأول؛ لأنه المقصود بالسؤال. (قال هات) بكسر التاء مفرد هاتوا بمعنى أحضر. (فعرضت عليه) أي على ابن عباس. (حديثها) هذا. (فما أنكر منه) أي من حديثها. (شيئاً) مصدر أي ما أنكر شيئاً من الانكار فهو مفعول مطلق. وقيل: مفعول به أي ما انكر شيئاً من الأشياء. (قال هو علي) أي ابن أبي طالب قيل: لم تسمه عائشة؛