يقرن بينهن، فذكر عشرين سورة من أول المفصل، على تأليف ابن مسعود
ــ
فلم أجد فيها شيئاً متساوياً. (يقرن) بضم الراء ويجوز كسرها أي يجمع. (بينهن) أي بين سورتين منهن في ركعة. (فذكر) أي ابن مسعود. (عشرين سورة من أول المفصل) وهي الرحمن والنجم في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والطور والذاريات في ركعة، وإذا وقعت ونون في ركعة، وسأل سائل والنازعات في ركعة، وويل للمطففين وعبس في ركعة، والمدثر والمزمل في ركعة، وهل آتي ولا أقسم بيوم القيامة في ركعة، وعم يتسآءلون والمرسلاًت في ركعة، والدخان وإذا الشمس كورت في ركعة. رواه أبوداود، وقال هذا تأليف ابن مسعود أي ترتيب السور المذكورة في الحديث، وهو الترتيب الذي ألف عليه ابن مسعود السور في مصحفه. (على تأليف) مصحف (ابن مسعود) أي جمعه وترتيبه. قال الحافظ: فيد دلالة على أن تأليف ابن مسعود على غير تأليف العثماني، وكان أوله الفاتحة ثم البقرة ثم النساء ثم آل عمران، ولم يكن على ترتيب النزول. ويقال: إن مصحف على كان ترتيب النزول، أوله إقرأ ثم المدثر ثم ن والقلم ثم المزمل ثم تبت ثم التكوير ثم سبح وهكذا إلى آخر المكي ثم المدني، والله أعلم. وأما ترتيب المصحف على ما هو عليه الآن فقال القاضي أبوبكر الباقلاني: يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أمر بترتيبه هكذا، ويحتمل أن يكون من اجتهاد الصحابة، ثم رجح الأول بما روى البخاري عن أبي هريرة أنه كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعارض به جبريل في كل سنة، فالذي يظهر أنه عارضه به هكذا على هذا الترتيب، وبه جزم ابن الأنباري. ومما يدل على أن ترتيب المصحف كان توقيفاً ما أخرجه أحمد وأبوداود وغيرهما عن أوس بن حذيفة الثقفي، قال: كنت في الوفد الذين أسلموا من ثقيف، فذكر الحديث، وفيه فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: طرأ على حزبي من القرآن فأردت أن لا أخرج حتى أقضيه، قال: فسألنا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلنا كيف تحزبون القرآن؟ قلنا نحزبه ثلاث سور وخمس سور وسبع سور وتسع سور وإحدى عشرة، وحزب المفصل من ق حتى تختم. قال الحافظ: فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو في المصحف الآن كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. ويستفاد من هذا الحديث حديث أوس أن الراجح في المفصل أنه من أول سورة ق إلى آخر القرآن، لكنه مبني على أن الفاتحة لم تعد في الثلاث الأول، فإنه يلزم من عدها أن يكون أول المفصل من الحجرات، وبه جزم جماعة من الأئمة- انتهى. وقيل: ترتيب جميع السور توقيفي إلا ترتيب براءة والأنفال، فهو من اجتهاد عثمان، كما يدل عليه حديث ابن عباس عند أحمد وأصحاب السنن، وصححه ابن حبان والحاكم، وقد ذكره المصنف في الباب الذي قبل كتاب الدعوات، وسيأتي الكلام في ذلك هناك. قال الجزري: اختلف في ترتيب السور هل هو توقيفي من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو إجماع من الصحابة، أو بعضه توقيف وبعضه إجماع من الصحابة؟ وأجمعوا على أنه لم ينزل مرتباً هكذا، وعلى أنه لا يقرأ إلا هكذا، كما هو مرتب اليوم، وإنما يصح للصغار أن يقرؤا من أسفل لضرورة التعليم، ولو قرأ في الصلاة غير مرتب، فهو غير أولى. وقيل: يكره، ولو قرأ في