للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سورتين في ركعة آخرهن حم الدخان، وعم يتساءلون)) . متفق عليه.

ــ

أول ركعة سورة الناس، فماذا يقرأ في الثانية؟ قال أبوحنيفة: يعيدها. وقال الشافعي: يبدأ من أول البقرة أي إلى المفلحون. وهو رواية عن أبي حنيفة، وهو الأظهر، لأن الإفادة أولى من الإعادة. (سورتين) أي كل سورتين من العشرين. (في ركعة آخرهن) أي آخر العشرين مبتدأ، يعني آخر الثنتين من العشرين. (حم الدخان) يحتمل الحركات الثلاث في "حم" والفتح أشهر، وكذلك في الدخان، والجر أشهر. (وعم يتساءلون) هذا يخالف ظاهره ما تقدم من رواية أبي داود، إلا أن يقال: التقدير أخرهن أي آخر العشرين "حم الدخان" ونظيرتها إذا الشمس كورت، وعم يتساءلون، ونظيرتها والمرسلات، قاله القاري. وقال الحافظ: قوله أخرهن حم الدخان، وعم يتساءلون مشكل، لأن حم الدخان آخرهن في جميع الروايات. وأما عمّ، فهي في رواية ابن خزيمة السابعة عشرة. وفي رواية أبي داود: الثامنة عشرة، فكان فيه تجوزاً، لأن عمّ وقعت في الركعتين الأخيرتين في الجملة- انتهى. ووقع في رواية البخاري في باب الجمع بين السورتين في ركعة من أبواب الصلاة، فذكر عشرين سورة من المفصل، واستشكل عد الدخان من المفصل، لأنها ليست منه. وأجيب بأن ذكرها معهن فيه تجوز، ولذلك فصلها من المفصل في رواية البخاري في باب الترتيل في القراءة ولفظها: وإني لأحفظ القرناء التي كان يقرأ بهن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمان عشرة سورة من المفصل وسورتين من آل حم، لكن يرد رواية البخاري هذه أن الروايات لم تختلف أنه ليس في العشرين من الحواميم غير الدخان. قال الحافظ: فتحمل على التغليب أو فيها حذف كأنه قال: وسورتين إحداهما من آل حم- انتهى. ولذكر ابن مسعود هذا الحديث سبب وهو أن رجلاً وهو نهيك بن سنان جاء إلى ابن مسعود فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة فقال: (أي ابن مسعود) هذَّا كَهذِّ الشعر لقد عرفت النظائر الخ. قال الحافظ: وفي الحديث من الفوائد كراهة الإفراط في سرعة التلاوة، لأنه ينافي المطلوب من التدبر والتفكر في معاني القرآن، ولا خلاف في جواز السرد بدون تدبر لكن القراءة بالتدبر أعظم أجرا وفيه جواز تطويل الركعة الأخيرة على ما قبلها، وفيه الجمع بين السورتين في ركعة، ويستدل بع على الجمع بين السور، لأنه إذا جمع بين السورتين ساغ الجمع بين الثلاث فصاعداً. وقد روى أبوداود، وصححه ابن خزيمة من طريق عبد الله بن شقيق قال سألت عائشة: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين السور؟ قالت نعم من المفصل. ولا يخالف هذا ما سيأتي في التهجد أنه جمع بين البقرة وغيرها من الطوال لأنه يحمل على النادر. وقال عياض في حديث ابن مسعود: هذا يدل على أن هذا القدر كان قدر قراءته غالبا. وأما تطويله فإنما كان في التدبر والترتيل. وما ورد غير ذلك من قراءة البقرة وغيرها في ركعة، فكان نادراً. قال الحافظ: لكن ليس في حديث ابن مسعود ما يدل على المواظبة، بل فيه أنه كان يقرن بين هذه السور المعينان إذا قرأ من المفصل، وفيه موافقة لقول عائشة وابن عباس إن صلاته بالليل كانت عشر ركعات غير الوتر. (متفق عليه)

<<  <  ج: ص:  >  >>