للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك

السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت الحق، ووعدك الحق،

ــ

تعالى المعدودة، وهو القائم بنفسه مطلقاً لا بغيره وهو مع ذلك يقوم به كل موجود، حتى لا يتصور وجود شيء ولا دوام وجوده إلا به، وأصل هذه الألفاظ من الواو قيوم وقيوام وقيووم بوزن فيعل فيعال فيعول، وكأنه قيل: لم خصصتني بالحمد؟ فقال لأنك أنت الذي تقوم بحفظ المخلوقات وتراعيها وتؤتي كل شيء ما به قوامه وما به ينتفع إلى غير ذلك. وتكرير الحمد المخصص للاهتمام بشأنه وليناط به كل مرة معنى آخر. (ومن) غلب فيه العقلاء. (فيهن) أي في السماوات والأرض. (أنت نور السماوات والأرض) أي منورها وخالق نورهما، يعني أن كل شيء استنار منهما وأضاء فبقدرتك وجودك والأجرام النيرة بدائع فطرتك والعقول والحواس خلقك وعطيتك. قيل: وسمي بالنور لما اختص به من إشراق الجمال وسبحات العظمة والجلال التي تضمحل الأنوار دونها، ولما هيأ للعالم من النور ليهتدوا به عالم الخلق، فهذا الاسم على هذا المعنى لا استحقاق لغيره فيه، بل هو المستحق له المدعو به. وقيل: المعنى منزه في السماوات والأرض من كل عيب ومبرأ من كل ريبة، يقال: فلان منور أي مبرأ من العيب. وقيل: هو اسم مدح، يقال: فلان نور البلد أي مزينه. قال في الملمعات: وعند أهل التحقيق هو محمول على ظاهره، والنور عندهم الظاهر بنفسه المظهر لغيره. (أنت ملك السماوات والأرض) بكسر اللام أي المتصرف فيهما تصرفاً كلياً ملكياً وملكياً ظاهرياً وباطنياً، لا نزاع في ملكه ولا شريك له في ملكه. وفي رواية: أنت رب السماوات والأرض. (ومن فيهن) عبر بمن تغليباً للعقلاء لشرفهم وإلا فهو رب كل شيء وملكيه. (أنت الحق) أي المتحقق الوجود الثابت بلا شك فيه. قال القرطبي: هذا الوصف له سبحانه وتعالى بالحقيقة خاص به، لا ينبغي لغيره إذ وجوده بذاته لم يسبقه عدم ولا يلحقه عدم، ومن عداه ممن عداه يقال فيه ذلك فهو بخلافه. وقيل: يحتمل أن يكون معناه أنت الحق بالنسبة إلى من يدعى فيه أنه إله أو بمعنى أن من سماك إلهاً فقد قال الحق. (ووعدك الحق) أي صادق لا يمكن التخلف فيه، والظاهر أن تعريف الخبر فيه، وفي قوله أنت الحق ليس للقصر، وإنما هو لإفادة أن الحكم به ظاهر مسلم لا منازع فيه، كما قال علماء المعاني في قوله: ووالدك العبد، وذلك لأن مرجع هذا الكلام إلى أنه تعالى موجود صادق الوعد، وهذا أمر يقوله المؤمن والكافر. قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} [٣١: ٢٥] ولم يعرف في ذلك منازع يعتد به، وكأنه لهذا عدل إلى التنكير في البقية حيث وجد المنازع فيها بقي أن المناسب لذلك أن يقال وقولك الحق، كما في رواية مسلم:، فكان التنكير في رواية البخاري للمشاكلة، قاله السندي. وقال الطيبي: عرف الخبر فيهما ونكر في البواقي، لأنه لا منكر خلفاً وسلفاً أن الله هو الثابت الدائم الباقي، وما سواه في معرض الزوال. قال لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل. وكذا وعده مختص بالإنجاز دون وعد غيره، إما قصداً وإما عجزاً، تعالى الله عنهما، والتنكير في البواقي للتفخيم- انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>