للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة،

ــ

الخيط فتعقد منه عقدة، وتتكلم عليها بالكلمات السحرية، فيتأثر المسحور عند ذلك، ومنه قوله تعالى. {ومن شر النفاثات في العقد} [٤:١١٣] وعلى هذا فالمعقود شيء عند قافية الرأس لا قافية نفسها، وهل العقد في شعر الرأس أو في غيره؟ الأقرب الثاني إذ ليس لكل أحد شعر، ويؤيده رواية ابن ماجه بلفظ: يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم بالليل بحبل فيه ثلاث عقد، ولأحمد: إذا نام أحدكم عقد على رأسه بجرير، ولابن خزيمة وابن حبان من حديث جابر: ما من ذكر ولا أنثى إلا على رأسه جرير معقود حين يرقد-الحديث. والجرير بفتح الجيم هو الحبل وقيل: هو على المجاز كأنه شبه فعل الشيطان بالنائم من منعه من الذكر والصلاة بفعل الساحر بالمسحور بجامع المنع من التصرف، فلما كان الساحر يمنع بعقده ذلك تصرف من يحاول عقده كان هذا مثله من الشيطان للنائم الذي لا يقوم من نومه إلى ما يحب من ذكر الله والصلاة، وقيل: المراد به عقد القلب وتصميمه على الشيء كأنه يوسوس له، بأنه بقي من الليل قطعة طويلة فيتأخر عن القيام، وانحلال العقد كناية عن علمه بكذبه فيما وسوس به. وقيل: العقد كناية عن تثبيط الشيطان وتعويقه للنائم من قيام الليل بالقول المذكور، ومنه عقدت فلانًا عن امرأته أي منعته عنها، أو عن تثقيله عليه النوم وإطالته، كأنه قد سد عليه سداً وعقد عليه عقداً. قال البيضاوي: عقد الشيطان على قافيته استعارة عن تسويل الشيطان وتحبيبه النوم إليه والدعة والاستراحة، يعني أن الشيطان يحبب إليه النوم ويزين له الدعة والاستراحة، ويسول كلما انتبه أنه لم يستوف حظه من النوم، فيوثقه عن القيام إلى العبادة ويبطئه بتلك التسويلات عن النهوض إليها. (فإن استيقظ) أي من نوم الغفلة. (فذكر الله) بأي ذكر كان، لكن المأثور أفضل. قال الحافظ: لا يتعين للذكر شيء مخصوص لا يجزئ غيره بل كل ما صدق عليه ذكر الله أجزأ ويدخل فيه تلاوة القرآن وقراءة الحديث النبوي والاشتغال بالعلم الشرعي، وأولى ما يذكر به ما تقدم في الباب الذي قبله من حديث عبادة بن الصامت. (انحلت) أي انفتحت. (عقدة) واحدة من الثلاث. (فان توضأ) خص الوضوء بالذكر، لأنه الغالب، وإلا فالجنب لا تنحل عقدته إلا بالاغتسال والتيمم، يقوم مقام الوضوء والغسل، ويجزئ عنهما لمن ساغ له ذلك، ولا شك أن في معاناة الوضوء عوناً كبيراً على طرد النوم لا يظهر مثله في التيمم. (انحلت عقدة) أخرى ثانية. (فإن صلى) أي النافلة ولو ركعتين. قال العراقي في شرح الترمذي: السر في استفتاح الصلاة بركعتين خفيفتين المبادرة إلى حل عقد الشيطان، وبناه على أن الحل لا يتم إلا بتمام الصلاة. قال الحافظ: وهو واضح، وقد وقع عند ابن خزيمة عن أبي هريرة في آخر الحديث: فحلوا عقد الشيطان ولو بركعتين. وفعله - صلى الله عليه وسلم - مع كونه محفوظاً ومنزهاً عن عقد الشيطان تعليماً للأمة وإرشاداً لهم إلى ما يحفظهم من الشيطان. (انحلت عقدة) كذا في جميع النسخ الموجودة عندنا بلفظ الإفراد، وكذا وقع في المصابيح. قال الحافظ في الفتح قوله: انحلت عقده بلفظ الجمع بغير اختلاف في البخاري، ووقع لبعض رواة الموطأ بالإفراد-انتهى. قال

<<  <  ج: ص:  >  >>