فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس، كسلان))
ــ
القاري: فينبغي أن يكون في المشكاة بلفظ الجمع لقوله في آخره: متفق عليه، لكن في جميع النسخ الحاضرة بلفظ الإفراد، ذكره ميرك-انتهى. قلت: وقع في نسخ البخاري الموجودة الحاضرة عندنا من طبعات الهند ومصر: انحلت عقدة أي بالإفراد. وقال القسطلاني قوله: عقده ضبطها في اليونينية بلفظ الجمع والإفراد، كما ترى. قال ابن قرقول في مطالعة كعياض في مشارقه: لا خلاف في الأولى، والثانية أنه بالإفراد، واختلف في الثالثة فقط فوقع في الموطأ لابن وضاح على الجمع، وكذا ضبطناه في البخاري، وكلاهما يعني الجمع والإفراد صحيح والجمع أوجه. لاسيما وقد جاء في رواية مسلم في الأولى عقدة، وفي الثانية عقدتان، وفي الثالثة العقد-انتهى. قال الحافظ: ويؤيد الإفراد رواية أحمد بلفظ: فإن ذكر الله انحلت عقدة واحدة، وإن قام فتوضأ أطلقت الثانية، فإن صلى أطلقت الثالثة، وكأنه محمول على الغالب، وهو من ينام مضطجعاً فيحتاج إلى الوضوء إذا انتبه، فيكون لكل فعل عقدة يحلها، ويؤيد الأول أي الجمع ما في بدء الخلق عند البخاري بلفظ: عقده كلها. ولمسلم: انحلت العقد. وظاهر رواية الجمع أن العقد تنحل كلها بالصلاة خاصة، وهو كذلك في حق من لم يحتج إلى الطهارة كمن نام متمكناً غير متكئ مثلاً، ثم انتبه فصلى من قبل أن يذكر أو يتطهر، فإن الصلاة يجزئه في حل العقد كلها، لأنها تستلزم الطهارة وتتضمن الذكر، وعلى هذا فيكون معنى قوله: فإذا صلى انحلت عقده كلها، إن كان المراد به من لا يحتاج إلى الوضوء، فظاهر على ما قررناه، وإن كان من يحتاج إليه، فالمعنى انحلت بكل عقده أو انحلت عقده كلها بانحلال الأخيرة التي بها يتم انحلال العقد-انتهى. (فأصبح) أي دخل في الصباح أو صار. (نشيطاً) أي لسروره بما وفقه الله له من الطاعة، وبما وعده من الثواب، وما زال عنه من عقد الشيطان. (طيب النفس) لما بارك الله له في نفسه من هذا التصرف الحسن، كذا قيل. قال الحافظ: والظاهر أن في صلاة الليل سراً في طيب النفس وإن لم يستحضر المصلي شيئاً مما ذكر. (وإلا) أي وإن لم يفعل كذلك بل ترك الذكر والوضوء والصلاة. (أصبح خبيث النفس) أي محزون القلب كثير الهم. قيل: هذا الحديث يعارض قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا يقولن أحدكم خبثت نفسي. قال ابن عبد البر: وليس كذلك، لأن النهي إنما ورد عن إضافة المرء ذلك إلى نفسه كراهة لتلك الكلمة، وهذا الحديث وقع ذما لفعله، ولكل من الحديثين وجه. وقال الباجي: ليس بين الحديثين اختلاف؛ لأنه نهى عن إضافة ذلك إلى النفس؛ لكون الخبث بمعنى فساد الدين، ووصف بعض الأفعال بذلك تحذيراً منها وتنفيراً. قال الحافظ: تقرير الأشكال أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن إضافة ذلك إلى النفس فكل ما نهى المؤمن أن يضيفه إلى نفسه نهى أن يضيفه إلى أخيه المؤمن وقد وصف - صلى الله عليه وسلم - هذا المرء بهذه الصفة، فيلزم جواز وصفنا له بذلك لمحل التأسي، ويحصل الانفصال فيما يظهر بأن النهي محمول على ما إذا لم يكن هناك حامل على الوصف بذلك كالتنفير والتحذير-انتهى. (كسلان) لبقاء أثر تثبيط الشيطان ولشؤم تفريطه وظفر الشيطان