للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

١٢٢٧- (٢) وعن المغيرة، قال: ((قام النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تورمت قدماه، فقيل له: لم تصنع هذا وقد غفر

لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً))

ــ

به بتفويته الحظ الأوفر من قيام الليل، فلا يكاد يخف عليه صلاة ولا غيرها من القربات والطاعات. وكسلان غير منصرف للوصف، وزيادة اللألف والنون مذكر كسلى، ومقتضى قوله وإلا أصبح أنه إن لم يجمع الأمور الثلاثة دخل تحت من يصبح خبيثاً كسلان وإن آتي ببعضها، لكن يختلف ذلك بالقوة والخفة، فمن ذكر الله مثلاً كان في ذلك أخف ممن لم يذكر أصلاً. وهذا الذم مختص بمن لم يقم إلى الصلاة وضيعها، أما من كانت له عادة فغلبته عينه، فقد ثبت أن الله يكتب له أجر صلاته ونومه عليه صدقة، ذكره ابن عبد البر. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد ومالك وأبوداود والنسائي وابن ماجه والبيهقي (ج٢:ص٥١ وج٣:ص١٥) وغيرهم.

١٢٢٧- قوله: (قام النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي في صلاة الليل. وقال ابن حجر: أي صلى ليلاً طويلاً. وقيل: التقدير قام بصلاة الليل على وجه الإطالة والإدامة. (حتى تورمت) بتشديد الراء أي انتفخت من طول القيام. (قدماه) مرفوع، لأنه فاعل تورمت. وفي رواية البخاري: كان يصلي حتى ترم أو تنتفخ قدماه. وفي أخرى له: إن كان ليقوم ليصلي حتى ترم قدماه أو ساقاه. وفي حديث عائشة عند البخاري: كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. وفي حديث أبي هريرة عند النسائي: حتى تزلع، يعني تشقق قدماه. ولا إختلاف بين هذه الروايات فإنه إذا حصل الورم أو الانتفاخ حصل الزلع والتشقق. (فقيل له) لم يبين القائل من هو. وفي حديث عائشة فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ. (لم تصنع هذا) لم أجد هذه الجملة في رواية المغيرة عند أحد ممن خرج حديثه، نعم هي في حديث عائشة، كما تقدم. وفي رواية لمسلم من حديث المغيرة: أتكلف هذا، والمعنى أتلزم نفسك بهذه الكلفة والمشقة. وفي حديث أبي هريرة عند البزار: أتفعل هذا وقد جاءك من الله أن غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. قيل: الاستفهام للتعجب. (وقد غفر لك) بصيغة المجهول. وفي البخاري: قد غفر الله لك. (ما تقدم من ذنبك وما تأخر) أي جميع ما فرط منك مما يصح أن تعاتب عليه. قيل: هو محمول على ترك الأولى، وسمي ذنباً لعظم قدره - صلى الله عليه وسلم -، كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين. قيل: المراد لو وقع منك ذنب لكان مغفوراً، ولا يلزم من فرض ذلك وقوعه، والله أعلم. (أفلا أكون عبداً شكوراً) تقديره أأترك عبادة ربي لما غفر لي، فلا أكون شاكراً على نعمة المغفرة وغيرها مما لا تعد ولا تحصى من خير الدارين، والعبادة لا تحصر في مغفرة الذنوب، بل إنما وجبت شكراً لنعم المولى تعالى. قال الطيبي: الفاء مسبب عن محذوف أي أأترك قيامي وتهجدي

<<  <  ج: ص:  >  >>