قال: ذلك رجل بال الشيطان في أذنه، أو قال: في أذنيه)) متفق عليه.
ــ
العهد، ويراد به صلاة الليل أو المكتوبة أي العشاء أو الصبح. ويدل لكون المراد المكتوبة قول سفيان فيما أخرجه ابن حبان في صحيحه: هذا عندنا نام عن الفريضة، وظاهر صنيع مسلم والنسائي وابن ماجه يدل على كون المراد صلاة الليل. قال الطيبي: يحتمل أن يكون أصبح تامة، وما قام في محل النصب حالاً من الفاعل، أي أصبح وحاله أنه غير قائم إلى الصلاة، ويحتمل أن تكون ناقصة وما قام خبرها، ويحتمل أن تكون ما قام جملة مستأنفة مبنية للجملة الأولى أو مؤكدة مقررة لها. (قال) صلى الله عليه وآله وسلم. (ذلك رجل) وفي الصحيحين: ذاك رجل. وكذا نقله الجزري. (بال الشيطان في أذنه) بالإفراد للجنس، وهو بضم الهمزة والذال وسكونها. (أو قال في أذنيه) بالتثنية للمبالغة وأو للشك من الراوي، وهي رواية جرير عن منصور عن أبي وائل عن ابن مسعود. وفي رواية أبي الأحوص عن منصور، عند البخاري: بال في أذنه أي بالإفراد فقط، واختلف في بول الشيطان، فقيل: هو على حقيقته. قال القرطبي وغيره: لا مانع من ذلك إذ لا إحالة فيه، لأنه ثبت أن الشيطان يأكل ويشرب ويضرط وينكح، فلا مانع من أن يبول. وقد يتأول بتأويلات مناسبة: منها أنه تمثيل شبه تثاقل نومه وإغفاله عن الصلاة وعدم سماعه صوت المؤذن وعدم انتباهه بصياح الديك ونحوه، بحال من وقع البول في أذنه فثقل سمعه وأفسد حسه والبول ضار مفسد، قاله الخطابي: قال الحافظ: والعرب تكنى عن الفساد بالبول. قال الراجز: بال سهيل في الفضيخ ففسد. وكنى بذلك عن طلوعه، لأنه وقت إفساد الفضيخ فعبر عنه بالبول. ومنها أن المراد أن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل وبأحاديث اللغو، فأحدث ذلك في أذنه وقرا عن استماعه دعوة الحق، قاله التوربشتي. ومنها أنه كناية عن استهانة الشيطان والاستخفاف والازدراء به، يعني أن الشيطان استولى عليه واستخف به حتى اتخذه كالكنيف المعد للبول، إذ من عادة المستخف بالشيء غاية الاستخفاف أن يبول عليه. ومنها أنه كناية عن سد الشيطان أذن الذي ينام عن الصلاة حتى لا يسمع الذكر. ومنها أنه استعارة عن تحكمه فيه وجعله مسخراً ومطيعاً ومنقاداً للشيطان، يقبل ما يأمره من ترك الصلاة وغيرها. قال الطيبي: خص الأذن بالذكر والعين أنسب بالنوم إشارة إلى ثقل النوم، فإن المسامع هي موارد الإنتباه بالأصوات ونداء حي على الصلاة. قال الله تعالى. {فضربنا على آذانهم في الكهف}[١١:١٨] أي أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات، وخص البول من الأخبثين، لأنه مع خباثته أسهل مدخلاً في تجاويف الخروق وأوسع نفوذاً في العروق، فيورث الكسل في جميع الأعضاء. (متفق عليه) أخرجه البخاري في التهجد من طريق أبي الأحوص. وفي صفة إبليس من بدأ الخلق من طريق جرير. وأخرجه مسلم من طريق جرير فقط، والسياق المذكور إلى قوله: ما قام إلى الصلاة لأبي الأحوص وما بعده من رواية جرير. والحديث أخرجه أيضاً النسائي وابن ماجه وابن حبان والبيهقي (ج٣:ص١٥) .