١٢٢٩- (٤) وعن أم سلمة، قالت:((استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة فزعاً، يقول: سبحان الله! ماذا
أنزل الليلة من الخزائن؟ ! وماذا أنزل من الفتن؟! من يوقظ صواحب الحجرات – يريد
أزواجه – لكي يصلين؟ رب كاسية في الدنيا
ــ
١٢٢٩- قوله: (عن أم سلمة) أم المؤمنين. (استيقظ) أي تيقظ فالسين ليست هنا للطلب، أي انتبه من النوم. (ليلة) أي من لياليها. (فزعاً) بكسر الزاى حال أي خائفاً مضطرباً مما شاهده. (يقول) حال أيضاً. (سبحان الله) وفي رواية: فقال سبحان الله. وفي أخرى: استيقظ من الليل وهو يقول: لا إله إلا الله. وقوله: سبحان الله بالنصب على المصدرية بفعل لازم الحذف، قاله تعجباً واستعظاماً، والعرب قد تستعمله في مقام التعجب والتعظيم. وقوله:(ماذا أنزل الليلة) كالتقرير والبيان، لأن ما استفهامية متضمنة لمعنى التعجب والتعظيم. وأنزل بضم الهمزة وكسر الزاي، والليلة بالنصب على الظرفية. وهذه رواية أبي ذر عن الكشمهيني. وفي رواية غيره: ماذا أنزل الله بإظهار الفاعل. (من الخزائن وماذا أنزل من الفتن) عبر عن الرحمة بالخزائن كقوله تعالى. {خزائن رحمة ربك}[٩:٣٨] وقوله: {خزائن رحمة ربي}[١٠٠:١٧] وعبر عن العذاب بالفتن، لأنها أسباب مؤدية إلى العذاب، وجمعهما لسعتهما وكثرتهما، واستعمل المجاز في الإنزال، والمراد إعلام الملائكة بالأمر المقدور، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - رأى في المنام أنه سيقع بعده فتن. وتفتح لهم الخزائن، أو أوحى الله تعالى إليه ذلك قبل النوم، فعبر عنه بالإنزال، وهو من المعجزات، فقد فتحت خزائن فارس والروم وغيرهما كما أخبر عليه السلام، ووقعت الفتن بعده كما هو المشهور. (من يوقظ) أي من ينتدب فيوقظ. قال ابن الملك: استفهام أي هل أحد يوقظ؟ قال الحافظ: أراد بقوله: من يوقظ بعض خدمه، كما قال يوم الخندق: من يأتيني بخبر القوم؟ وأراد أصحابه، لكن هناك عرف الذي انتدب، وهنا لم يذكر (صواحب الحجرات) كلام إضافي مفعول لقوله: يوقظ. وصواحب جمع صاحبة. والحجرات بضم الحاء المهملة وفتح الجيم. قال القسطلاني: والذي في اليونينية بضم الجيم أيضاً جمع حجرة، وهي منازل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. (يريد أزواجه) أي يعني - صلى الله عليه وسلم - بصواحب الحجرات أزواجه الطاهرات. (لكي يصلين) ويستعذن مما أراه الله من الفتن النازلة كي يوافقن المرجو فيه الإجابة. وفي رواية: حتى يصلين، وإنما خصهن بالإيقاظ، لأنهن الحاضرات حينئذٍ، أومن باب: إبدأ بنفسك ثم بمن تعول. وهذا يدل على أن المراد بالايقاظ: الإيقاظ لصلاة الليل، لا لمجرد الإخبار بما أنزل، لأنه لو كان لمجرد الإخبار لكان يمكن تأخيره إلى النهار، لأنه لا يفوت. وبهذا ظهرت مطابقة الحديث للباب، وأن فيه التحريض على صلاة الليل. ويؤخذ منه أنها ليست بواجبة، لأنه ترك إلزامهن بذلك، وقد ترجم البخاري لهذا الحديث: باب تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على قيام الليل من غير إيجاب. (رب كاسية) وفي رواية: "فرب " زيادة فاء في أوله. وفي رواية "يا رب كاسية"