للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عارية في الآخرة)) . رواه البخاري.

١٢٣٠- (٥) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ينزل ربنا

ــ

بزيادة حرف النداء في أوله، أي يا قوم أو يا سامعين، فالمنادى فيه محذوف. وفي رواية: "كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة، وهي تدل على أن "رب" ههنا للتكثير، لأن معنى كم الخبرية التكثير بلا خلاف، ولأنه ليس مراده أن ذلك قليل، بل المتصف بذلك من النساء كثير. (عارية) بتخفيف الياء. قال الحافظ: وهي مجرورة في أكثر الروايات على النعت. قال السهيلي: إنه الأحسن عند سيبوية، لأن رب عنده حرف جر يلزم صدر الكلام، قال: ويجوز الرفع على إضمار مبتدأ، والجملة في موضع النعت أي هي عارية، والفعل الذي تتعلق به رب محذوف، أي رب كاسية هي عارية عرفتها-انتهى. واختار الكسائي أن تكون رب اسماً مبتدأ، والمرفوع خبرها. واختلف في المراد بقوله: كاسية وعارية على أوجه: أحدها رب امرأة أو نسمة أو نفس كاسية في الدنيا بالثياب لوجود الغنى، عارية في الآخرة من الثواب لعدم العمل في الدنيا. ثانيها: كاسية بالثياب، لكنها رقيقة لا تمنع إدراك البشرة، شفافة لا تستر العورة، عارية في الآخرة جزاء على ذلك، أي معاقبة في الآخرة بفضيحة التعري، ففيه نهي عن لبس ما يشف من الثياب. ثالثها: كاسية من نعم الله، عارية من الشكر الذي تظهر ثمرته في الآخرة بالثواب. رابعها: كاسية جسدها، لكنها تشد به خمارها من ورائها، فيبدو صدرها، فتصير عارية، فتعاقب في الآخرة. خامسها: كاسية من خلعة التزوج بالرجل الصالح، عارية في الآخرة من العمل، فلا ينفعها صلاح زوجها، كما قال تعالى: {فلا أنساب بينهم} [٢٣: ١٠١] . قال الطيبي: قوله: "رب كاسية" كالبيان لموجب استيقاظ الأزواج للصلاة، أي لا ينبغي لهن أن يتغافلن عن العبادة، ويعتمدن على كونهن أهالي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كاسيات خلعة نسبة أزواجه، متشرفات في الدنيا بها، فهي عاريات في الآخرة، إذ لا أنساب فيها، وهذا وإن ورد في أمهات المؤمنين، لكن الحكم عام لهن ولغيرهن، فإن العبرة بعموم اللفظ، لا لخصوص السبب والمورد. قال ابن بطال: في هذا الحديث أن المفتوح في الخزائن تنشأ عنه فتنة المال، بأن يتنافس فيه فيقع القتال بسببه، وأن يبخل به فيمنع الحق أو يبطر صاحبه فيسرف، فأراد - صلى الله عليه وسلم - تحذير أزواجه من ذلك كله وكذا غيرهن ممن بلغه ذلك. وفي الحديث الندب إلى الدعاء والتضرع عند نزول الفتنة، ولا سيما في الليل لرجاء وقت الإجابة، فتكشف أو يسلم الداعي أو من دعا له. وفيه جواز قول سبحان الله عند التعجب وندبية ذكر الله بعد الاستيقاظ، وإيقاظ الرجل أهله بالليل للعبادة لا سيما عند آية تحدث. (رواه البخاري) في موضع بألفاظ متقاربة، واللفظ المذكور له في الفتن. وأخرجه أيضاً أحمد (ج٦:ص٢٩٧) ومالك في كتاب الجامع من الموطأ مرسلاً، والترمذي في الفتن.

١٢٣٠- قوله: (ينزل ربنا) أي نزولاً يليق بجنابة المقدس. والحاصل أن التفويض والتسليم أسلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>