للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر،

ــ

والسكوت عن المراد، إلا أن يرد ذلك عن الصادق فيصار إليه، نقله الحافظ في الفتح، وقال: من الدليل على ذلك اتفاقهم على أن التأويل المعين غير واجب، فحينئذٍ التفويض أسلم هذا، وقد أطال الكلام في مسألة النزول وأشباهها من أحاديث الصفات الأئمة المتقدمون كشيخ الإسلام والمسلمين الإمام ابن تيمية وتلميذيه الإمام ابن القيم والحافظ الذهبي وغيرهم، فعليك أن ترجع إلى ما ألفوا في ذلك من الكتب. (تبارك وتعالى) جملتان معترضتان بين الفعل وظرفه وهو قوله: (كل ليلة) أي في وقت خاص. (إلى السماء الدنيا) وفي حديث أبي الخطاب: رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن الله يهبط من السماء العليا إلى السماء الدنيا – الحديث. أخرجه عبد الله بن أحمد في كتاب السنة بإسناده. (حين يبقى ثلث) بضم لام وسكونه. (الليل) بالجر. (الآخر) بكسر الخاء المعجمة وضم الراء المهملة صفة ثلث، وتخصيصه بالليل وبالثلث الأخير منه، لأنه وقت التهجد وغفلة الناس عمن يتعرض لنفحات رحمة الله تعالى، وعند ذلك تكون النية خالصة، والرغبة إلى الله وافرة. وذلك مظنة القبول والإجابة، ولكن اختلف الروايات في تعيين الوقت على ستة أقوال: الأولى هي التي ههنا، وهي حين يبقى ثلث الليل الآخر، قال الترمذي: هذا أصح الروايات في ذلك. وقال العراقي: أصحها ما صححه الترمذي. وقال الحافظ: ويقوي ذلك أن الروايات المخالفة له اختلف فيها على رواتها. والثانية: حين يمضي الثلث الأول، وهي عند الترمذي ومسلم. والثالثة: حين يبقى نصف الليل الآخر. وفي لفظ: إذا كان شطر الليل. وفي آخر: إذا مضى شطر الليل. الرابعة: ينزل الله تعالى شطر الليل أو ثلث الليل الآخر على الشك أو التنويع. الخامسة: إذا مضى نصف الليل أو ثلث الليل أي الأول. وفي لفظ: إذا ذهب ثلث الليل أو نصفه. والسادسة: الإطلاق ولا تعارض بين رواية من عين الوقت ومن لم يعين، كما هو ظاهر جلي، فالروايات المطلقة تحمل على المقيدة. وأما من عين الوقت، واختلفت ظواهر رواياتهم، فقد صار بعض العلماء إلى الترجيح كالترمذي على ما تقدم، إلا أنه عبر بالأصح، فلا يقتضي تضعيف غير تلك الرواية. وأما القاضي عياض فعبر في الترجيح بالصحيح، فاقتضى ضعف الرواية الأخرى، ورده النووي بأن مسلماً رواها في صحيحه بإسناد لا يطعن فيه عن صحابيين، فكيف يضعفها؟ وإذا أمكن الجمع ولو على وجه فلا يصار إلى التضعيف. قال النووي: ويحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم بأحد الأمرين في وقت فأخبر به، ثم أعلم بالآخر في وقت فأعلم به، وسمع أبوهريرة الخبرين جميعاً فنقلهما، وسمع أبوسعيد الخدري خبر الثلث الأول فقط فأخبر به-انتهى. وقال الحافظ: أما الرواية التي بأو، فإن كانت أو للشك فالمجزوم به مقدم على المشكوك فيه، وإن كانت للتردد بين حالين فيجمع بين الروايات بأن ذلك يقع بحسب اختلاف الأحوال، لكون أوقات الليل تختلف في الزمان، وفي الآفاق باختلاف تقدم دخول الليل عند قوم، وتأخره عند قوم. وقال بعضهم: يحتمل أن يكون النزول يقع في الثلث الأول، والقول يقع في النصف وفي الثلث الثاني. وقيل: يحتمل على أن ذلك يقع في

<<  <  ج: ص:  >  >>