للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة. قالوا: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له)) ،

ــ

ابن هاشم، أسلمت وماتت في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصلى عليها ونزل في قبرها. وهو أول من أسلم من الصبيان، جمعاً بين الأقوال. وأحد العشرة. وقد اختلف في سنة يوم إسلامه فقيل كان له (١٥) سنة، وقيل (٨) سنة، وقيل (١٠) سنين، وقيل (١٣) سنة. صلى القبلتين وشهد بدراً وسائر المشاهد، وأبلى ببدر وأحد والخندق وخيبر البلاء العظيم، وكان لواء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده في مواطن كثيرة، ولم يتخلف إلا في تبوك فإنه خلفه في أهله، وفيها قال له: ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي)) ، مناقبة وفضائله شهيرة كثيرة جداً، وقد روي عن أحمد بن حنبل أنه قال: لم يرو لأحد من الصحابة من الفضائل ما روى لعلي (١) . وكذا قال النسائي وغير واحد، وفي هذا كفاية. استخلف يوم قتل عثمان، وهو يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة (٣٥) . قال ابن عبد البر: بويع لعلي يوم قتل عثمان، فاجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار إلا نفراً منهم لم يهجهم علي. وقال: أولئك قوم قعدوا عن الحق، ولم يقوموا مع الباطل. وتخلف عنه معاوية في أهل الشام، فكان منهم في صفين بعد الجمل ما كان، ثم خرجت عليه الخوارج وكفروه بسبب التحكيم، ثم اجتمعوا وشقوا عصى المسلمين وقطعوا السبيل، فخرج إليهم بمن معه فقاتلهم بالنهروان، فقتلهم واستأصل جمهورهم، فانتدب لهم من بقاياهم عبد الرحمن بن ملجم المرادي وكان فاتكاً فقتله (بالكوفة) ليلة الجمعة لثلاث عشرة خلت، وقيل: بقيت من رمضان سنة (٤٠) وله من العمر (٦٣) سنة، وهو يومئذٍ أفضل الأحياء من بني آدم بالأرض بإجماع أهل السنة. وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر وأياماً. روى عنه خلائق من الصحابة والتابعين. قال الخزرجي: له خمس مائة حديث وستة وثمانون حديثاً، اتفقا على عشرين، وانفرد البخاري بتسعة، ومسلم بخمسة عشر. (ما منكم من أحد) من مزيدة لاستغراق النفي (إلا وقد كتب) الواو للحال والاستثناء مفرغ أي ما وجد أحد منكم في حال من الأحوال إلا في هذه الحالة، أي إلا وقد قدر مقعده من النار. (مقعده من النار ومقعده من الجنة) أي موضع قعوده، كنى عن كونه من أهل الجنة أو النار باستقراره فيها، والواو المتوسطة بينها بمعنى أو التي تكون للتنويع، وقد ورد في بعض الروايات بلفظ "أو" وهي قرينة لحمل الواو على معنى أو وهي أوفق بالمقصود (أفلا نتكل على كتابنا) المقدر لنا في الأزل، قيل: الفاء جواب الشرط أي إذا كان الأمر كذلك أفلا نعتمد على ما كتب لنا في الأزل (وندع العمل) أي نترك السعي في العمل، يعني إذا سبق القضاء لكل أحد منا بالجنة أو النار فأي فائدة في السعي، فإنه لا يرد قضاء الله وقدره (اعلموا فكل) الفاء للسببية، والنوين عوض عن المضاف إليه (ميسر لما خلق له) يعني من خلق للجنة مثلاً يسر عليه عملها البتة، فالتيسر علامة كونه من أهلها، فمن لم ييسر على عملها فليعلم أنه ليس من أهلها بل من أهل النار. قال السندي: نبه - صلى الله عليه وسلم - على الجواب عن قولهم بأن الله تعالى دبر الأشياء على ما أراد، وربط بعضها


(١) قال الامام ابن تيمية في المنهاج (ج٤:ص٢٥٣) لكن أكثر ذلك من نقل من علم كذبه أو خطؤه - ا. هـ. وقال أيضاً (ج٤:ص٩٩) : إن في نقل هذا عن أحمد كلاماً - ا. هـ. وكتبه مصححه.

<<  <  ج: ص:  >  >>