فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طوبى لهذا، عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه. فقال أو غير ذلك يا عائشة؟ إن الله خلق للجنة أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آباءهم)) ، رواه مسلم.
٨٥- (٧) وعن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
ــ
وانفرد البخاري بأربعة وخمسين، ومسلم بثمانية وستين. ومناقبها وفضائلها كثيرة جداً، بسط ترجمتها الحافظ في الإصابة (ج٤:ص٣٥٩،٣٦١) وابن عبد البر في الاستيعاب. (طوبى لهذا) طوبى فعلى من طاب يطيب طيباً، قلبت الياء واوا للضمة قبلها، واختلفوا في معناه فقيل: هو اسم الجنة، وقيل: اسم شجرة فيها، وقيل: معناه أطيب معيشة له، وقيل: فرح له وقرة عين، وقيل: معناه أصيب خيراً؛ لأن إصابة الخير مستلزمة لطيب العيش، فأطلق اللازم وأراد الملزوم. (عصفور من عصافير الجنة) يعني هو مثلها من حيث أنه لا ذنب عليه، وينزل في الجنة حيث يشاء. قال ابن الملك: شبهته بالعصفور كما هو صغير لكونه خالياً من الذنوب من عدم كونه مكلفاً، (ولم يدركه) أي أوانه بالبلوغ لموته قبل التكليف فضلاً عن عمله. (أو غير ذلك) بفتح الواو وضم الراء وكسر الكاف، هو الصحيح المشهور من الروايات، والتقدير: أتعتقدين ما قلت؟ والحق غير ذلك، وهو عدم الجزم بكونه من أهل الجنة، فالواو للحال، قاله القاري. وقيل: الهمزة للاستفهام الإنكاري والواو عاطفة، و"غير" مرفوع بعامل مضمر تقديره: أقلت هذا؟ ووقع غير ذلك، وقيل: يجوز أن يكون أو بسكون الواو التي لأحد الأمرين أي الواقع هذا أو غير ذلك، ويجوز نصب غير أي أو يكون غير ذلك، وقيل: يجوز أن يكون أو بمعنى بل، أي بل غير ذلك أحسن وأولى وهو التوقف. قال التوربشتي: وكأنه - عليه السلام - لم يرتض قولها؛ لما فيه من الحكم بالغيب والقطع بإيمان أبوي الصبي أو أحدهما، إذ هو تبع لهما. وفيه إرشاد الأمة إلى التوقف عند الأمور المبهمة، والسكوت عما لا علم لهم به، وحسن الأدب بين يدي علام الغيوب. قلت: الصواب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة، وقد أجمع من يعتد به من علماء المسلمين أن من مات من أطفال المسلمين فهو في الجنة، ودل عليه الكتاب والسنة الصحيحة الثابتة، فلا معنى للتوقف فيه، وإنما نهى عائشة عن المسارعة إلى القطع من غير أن يكون عندها دليل قاطع. (وهم في أصحاب آبائهم) قيل: عين أهل الجنة من أهل النار في الأزل، فعبر عن الأزل بأصلاب الآباء تقريباً لأفهام العامة. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
٨٥-قوله:(وعن علي) هو أمير المؤمنين على بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبوالحسن الهاشمي القرشي ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزوج ابنته فاطمة، كناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا تراب، والخبر في ذلك مشهور. وأمه فاطمة بنت أسد