للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه مسلم.

ــ

الضحى قال: كم شئت، ثم ذكر الحافظ حديث عائشة هذا وقال: وهذا الإطلاق قد يحمل على التقييد، فيؤكد أن أكثرها اثنتا عشرة ركعة-انتهى. واعلم أنه قد جاء عن عائشة في صلاة الضحى أشياء مختلفة، فروي عنها أنه - صلى الله عليه وسلم - صلاها من غير تقييد، كما في حديث الباب، وروي عنها أنها سئلت هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى؟ قالت: لا إلا أن يجيء من مغيبه. أخرجه مسلم وروى عنها قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها. متفق عليه. ففي رواية الكتاب إثباتها مطلقاً، وفي الثالثة النفي مطلقاً، وفي الثانية الإثبات مقيداً، وقد اختلف العلماء في ذلك فذهب ابن عبد البر وجماعة إلى ترجيح الرواية الثالثة؛ لاتفاق الشيخين عليها فتقدم على ما انفرد به مسلم، وذهب بعضهم إلى ترجيح رواية الإثبات، وقالوا: إن عدم رؤيتها لذلك لا يستلزم عدم الوقوع، ويؤيد ذلك روايات من روى عنه من الصحابة الإثبات. وذهب بعضهم إلى الجمع، قال ابن حبان: قولها ما كان يصلي إلا أن يجيء من مغيبه مخصوص بالمسجد، وقولها: كان يصلي أربعاً ويزيد محمول على البيت، وقولها: ما رأيته يصلي سبحة الضحى المنفي فيه صفة مخصوصة. وجمع عياض بين هذا وبين الثاني أي قولها: كان يصلي أربعاً بأن المنفي في الثالث، أي في قولها ما رأيته يصلي الرؤية بنفسها، وفي الثاني إخبار الصلاة برواية غيرها، فأخبرت في الإنكار عن مشاهدتها، وفي الإثبات عن غيرها. وقال المنذري: يحتمل أنها أخبرت في الإنكار عن رؤيتها ومشاهدتها، وفي الآخر بغير المشاهدة، إما من خبره عليه السلام أو خبر غيره عنه. وجمع الباجي بأن النفي في قولها: ما رأيته يصلي مقيد بدون السبب، والإثبات في قولها كان يصلي أربعاً مقيد بالسبب، وهو المجيء من السفر وإن لم يذكر فيهما، كما في بينه قولها: لا إلا أن يجيء من مغيبه. وقيل في الجمع أيضاً: يحتمل أن يكون لفت صلاة الضحى المعهودة حينئذٍ من هيئة مخصوصة بعدد مخصوص في وقت مخصوص، وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصليها إذا قدم من سفر لا بعدد مخصوص ولا بغيره، كما قالت: يصلي أربعاً ويزيد ما شاء الله. قال المنذري: وقد يكون. الإنكار إنما هو لصلاة الضحى المعهودة عند الناس على الذي اختاره جماعة من السلف من صلاتها ثمان ركعات وأنه كان يصليها أربعاً. ويزيد ما شاء فيصليها مرة أربعاً ومرة ستاً ومرة ثمانية، وأقلها ركعتان. وقيل: النفي محمول على صلاة الاشراق، فإنها ما رأته - صلى الله عليه وسلم - يصليها قط؛ لأنه كان يصليها في المسجد إذا خرج وقت الكراهة، وقولها: لا إلا أن يجيء من مغيبه، وقولها: كان يصلي أربعاً محمول على صلاة الضحى. والنفي المقيد بغير المجيء من مغيبه محمول على المسجد والإثبات مطلقاً على البيت، والله أعلم. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد وابن ماجه والبيهقي (ج٣:ص٤٧) وأخرجه أبويعلى من طريق عمرة عن عائشة قالت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى أربع ركعات لا يفصل بينهن بكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>