للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣١٩- (٣) وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة،

فكل تسبيحه صدقة، وكل تحميده صدقة، وكل تهليله صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر

بالمعروف صدقة، ونهى عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى))

ــ

١٣١٩- قوله: (يصبح على كل سلامى) بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم. قال النووي: أصله عظام الأصابع وسائر الكف، ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله، ويدل على ذلك ما في صحيح مسلم من حديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: خلق الإنسان على ستين وثلثمائة مفصل على كل مفصل صدقة-انتهى. وفي النهاية: السلامى جمع سلامية، وهي الأنملة من الأنامل الأصابع. وقيل: واحده وجمعه سواء ويجمع على سلاميات، وهي التي بين كل مفصلين من أصابع الإنسان. (من أحدكم صدقة) قال الطيبي: اسم يصبح. أما صدقة أي كصبح الصدقة وأحبه على كل سلامي. وأما من أحدكم على تجويز زيادة من، والظرف خبره، وصدقة فاعل الطرف، أي يصبح أحدكم واجباً على كل مفصل منه صدقة. وأما ضمير الشأن والجملة الاسمية بعدها مفسرة له. قال عياض: يعني أن كل عظم من عظام ابن آدم وكل مفصل من مفاصله يصبح سليماً عن الآفات باقياً على الهيئة التي تتم بها منافعه فعليه صدقة شكراً لمن صوره ووقاه عما يغيره ويؤذيه. (فكل تسبيحه صدقة) قال الطيبي: الفاء تفصيلية ترك تعديد كل واحد من المفاصل للاستغناء يذكر تعديد ما ذكر من التسبيح وغيره-انتهى. أو لأن تعديد المفاصل يجر إلى الإطالة، وفي تركه إيماء إلى قوله تعالى. {وإن تعدو نعمة الله لا تحصوها} [٣٤:١٤] . والمقصود ما به القيام بشكرها على أن جعل له ما يكون به متمكناً من الحركات والسكنات، وليس الصدقة بالمال فقط بل كل خير صدقة. (وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة) وكذا سائر الأذكار وباقي العبادات صدقات على نفس الذاكر. (وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة) ؛ لأن منفعتهما راجعة إليه وإلى غيره من المسلمين، وفي ترك ذكر الصدقة الحقيقية تسلية للفقراء والعاجزين عن الخيرات المالية. (ويجزئ) قال النووي: ضبطناه بالضم أي ضم الياء من الإجزاء، وبالفتح من جزى يجزي أي يكفي. (من ذلك) هي بمعنى عن أي يكفي عما ذكر مما وجب على السلامي من الصدقات. (ركعتان) لأن الصلاة عمل بجميع أعضاء البدن فيقوم كل عضو بشكره، ولاشتمال الصلاة على الصدقات المذكورة وغيرها، فإن فيها أمراً للنفس بالخير ونهياً لها عن ترك الشكر، وإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. (يركعهما من الضحى) أي من صلاة الضحى، أو في وقت الضحى. والحديث يدل على عظم فضل صلاة الضحى وكبر موقعها وتأكيد مشروعيتها، وأن ركعتيها تجزئان عن ثلثمائة وستين صدقة، وما كان كذلك فهو حقيق بالمواظبة والمداومة، ويدل أيضاً على مشروعية الاستكثار من التسبيح والتحميد والتهليل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائر أنواع الطاعات والقربات؛ ليسقط بفعل ذلك ما على الإنسان من الصدقات اللازمة في كل يوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>