للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه مسلم.

١٣٢٠- (٤) وعن زيد بن أرقم أنه رأى قوماً يصلون من الضحى، فقال: ((لقد علموا أن الصلاة

في غير هذه الساعة أفضل، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: صلاة الأوابين حين ترمض الفصال))

ــ

(رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والبيهقي (ج٣:ص٤٧) .

١٣٢٠- قوله: (رأى قوماً يصلون) أي في مسجد قباء، كما في رواية البيهقي. (من الضحى) أي بعد طلوع الشمس وارتفاعها شيئاً يسيراً. وفي رواية للبيهقي: رأى نأساً جلوساً إلى قاص، فلما طلعت الشمس ابتدروا السواري يصلون. قال الطيبي: "من" زائدة أي يصلون صلاة الضحى، ويجوز أن تكون تبعيضية، وعليه ينطبق قوله: (لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل) أنكر عليهم إيقاع صلاتهم في بعض وقت الضحى أي أوله ولم يصبروا إلى الوقت المختار، أي كيف يصلون مع علمهم بأن الصلاة في غير هذا الوقت أفضل، ويجوز أن تكون ابتدائية أي صلاة مبتدأة من أول الوقت، ويكون المعنى إنكار إنشاء الصلاة في أول وقت الضحى. (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بكسر الهمزة استئناف بيان، ويجوز فتحها للعله. (قال) وفي رواية: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل قباء، وهم يصلون فقال (صلاة الأوابين) بتشديد الواو جمع أواب، وهو الكثير الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة عن الذنوب وبالإخلاص وفعل الخيرات، من آب إذا رجع. (حين ترمض) بفتح التاء الفوقية والميم من باب فرح أي تحترق من الرمضاء، وهو شدة حرارة الأرض من وقوع الشمس على الرمل وغيره، وذلك يكون عند ارتفاع الشمس وتأثيرها الحر. (الفصال) بكسر الفاء جمع الفصيل، ولد الناقة إذا فصل عن أمه، يعني تحترق أخفافها من شدة حر النهار. وقيل: لأن هذا الوقت زمان الإستراحة فإذا تركها ورجع إلى الله تعالى بالاشتغال بالصلاة استحق الثناء الجميل. قال ابن الملك: إنما أضاف الصلاة في ذلك الوقت إلى الأوابين لميل النفس فيه إلى الدعة والاستراحة، فالاشتغال فيه بالصلاة أوب من مراد النفس إلى مرضات الرب. وقال التوربشتي: إنما قال - صلى الله عليه وسلم - هذا القول حين دخل مسجد قباء، ووجد أهل قباء يصلون في ذلك الوقت وإنما مدحهم بصلاتهم في الوقت الموصوف؛ لأنه وقت تركن فيه النفوس إلى الاستراحة ويتهيأ فيه أسباب الخلوة وصرف العناية إلى العبادة، فيرد على قلوب الأوابين من الإنس بذكر الله وصفاء الوقت ولذاذة المناجاة ما يقطعهم عن كل مطلوب سواه-انتهى. والحديث يدل على أن المستحب فعل الضحى في ذلك الوقت، وقد توهم أن قول زيد بن أرقم أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل يدل على نفي صلاة الضحى، وليس الأمر كذلك بل مراده أن تأخير الضحى إلى ذلك الوقت أفضل. قلت: الأحاديث الواردة في الضحى تتضمن صلاتين: إحداهما ما يفعل بعد طلوع الشمس إذا خرج وقت

<<  <  ج: ص:  >  >>