١٣٤٨- (٧) وعن ابن عباس، قال:((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين صلاة الظهر والعصر،
ــ
قبلها ولا بعدها إلا ما كان من الوتر وسنة الفجر، فإنه لم يكن ليدعهما حضراً ولا سفراً، قال: وأما ابن عمر فكان لا يتطوع قبل الفريضة ولا بعدها إلا من جوف الليل مع الوتر، وهذا هو الظاهر من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان لا يصلي قبل الفريضة المقصورة ولا بعدها شيئاً، ولم يكن يمنع من التطوع قبلها ولا بعدها، فهو كالتطوع المطلق لا أنه سنة راتبة للصلاة كسنة صلاة الإقامة. ويؤيد هذا أن الرباعية قد خففت إلى ركعتين تخفيفاً على المسافر، فكيف يجعل لها سنة راتبة يحافظ عليها، وقد خفف الفرض ركعتين، فلولا قصد التخفيف على المسافر وإلا كان الإتمام أولى به، وقال أيضاً (ج١ ص٨٣) : وكان أي النبي - صلى الله عليه وسلم - في السفر يواظب على سنة الفجر، والوتر أشد من جميع النوافل دون سائر السنن، ولم ينقل في السفر أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى سنة راتبة غيرهما، ولذلك كان ابن عمر لا يزيد على ركعتين، وسئل عن سنة الظهر في السفر، فقال: لو كنت مسبحاً لأتممت. وهذا من فقهه رضي الله عنه، فإن الله سبحانه وتعالى خفف عن المسافر في الرباعية شطرها، فلو شرع له الركعتان قبلها أو بعدها لكان الإتمام أولى به. وتعقب قوله: لم يتنفل في السفر أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى سنة راتبة غير سنة الفجر والوتر، بما سيأتي من حديث ابن عمر في إثبات الراتبة البعدية للظهر والمغرب. قال الترمذي: اختلف أهل العلم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرأى بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتطوع الرجل في السفر، وبه يقول أحمد وإسحاق، ولم ترَ طائفة أن يصلي قبلها ولا بعدها، ومعنى من لم يتطوع في السفر قبول الرخصة، ومن تطوع فله في لك فضل كثير، وهو قول أكثر أهل العلم يختارون التطوع في السفر- انتهى. قلت: والراجح عندي أن لا يترك في السفر الوتر وسنة الفجر. وأما غيرهما من الرواتب القبلية والبعدية فهي إلى خيرته، إن شاء فعلها وحصل ثوابها، وإن شاء تركها ولا شيء عليه، أعني أنها لا تبقى في حقه متأكدة كسنة صلاة الإقامة، والله أعلم. (متفق عليه) فيه أن السياق المذكور ليس لهما ولا لأحدهما، بل هو مجموع من مجموع ما فيهما، فأول الحديث إلى قوله "أتممت صلاتي" من إفراد مسلم، لم يروه البخاري أصلاً. وقوله: صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى آخر الحديث" وهو سياق البخاري. وعند مسلم: يا ابن أخي! إني صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر، فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله تعالى:{لقد كان لكن في رسول الله أسوة حسنة}[٢١:٣٣] وسياق المشكاة موافق لما في المصابيح. ولو نبه المصنف على تصرف البغوي في سياق الحديث لكان أحسن. والحديث أخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود وابن ماجه والبيهقي (ج٣ ص١٥٨) .
١٣٤٨- قوله:(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين صلاة الظهر والعصر) أي جمع تأخير، وهو أن يؤخر