نفسه، كما سيأتي في الفصل الثاني، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي النافلة بعد الظهر والمغرب. وورد في حديث أبي قتادة عند مسلم في قصة النوم عن صلاة الصبح في السفر: ثم صلى ركعتين قبل الصبح ثم صلى الصبح. وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى صلاة الضحى في السفر. كما تقدم، وصلاة الليل على الدابة، كما سيأتي من حديث ابن عمر، وصلاة الزوال أو الراتبة قبل الظهر، كما في حديث البراء عند الترمذي وأبي داود. وأيضاً يشكل على إنكار ابن عمر على المتنفلين ما سيأتي في آخر الباب أن ابن عمر كان يرى ابنه عبيد الله يتنفل في السفر، فلا ينكر عليه، وما روي عن ابن عمر أنه كان يصلي على راحلته في السفر حيثما توجهت به. قال العراقي: الجواب: أن النفل المطلق وصلاة الليل لم يمنعهما ابن عمر ولا غيره. فأما السنن الرواتب فيحمل حديث الباب على الغالب من أحواله في أنه لا يصلى الرواتب، وحديثه في فعل أنه فعله في بعض الأوقات لبيان استحبابها وإن لم يتأكد فعلها فيه كتأكده في الحضر، أو أنه كان نازلاً في وقت الصلاة ولا شغل له يشتغل به عن ذلك، أو سائراً، وهو على راحلته. ولفظ "كان" في حديث الباب لا يقتضي الدوام ولا التكرار على الصحيح، فلا تعارض بين حديثيه. وقيل: مذهب ابن عمر الفرق بين الرواتب والنوافل المطلقة كالتهجد والوتر والضحى وغير ذلك، فيحمل الإنكار على الأول، والإثبات على الثاني، ولا يخفى ما فيه. وقيل: نفي التطوع في السفر محمول على ما بعد الصلاة خاصة أي الرواتب البعدية، فلا يتناول ما قبلها ولا ما لا تعلق له بها من النوافل المطلقة، وإليه مال البخاري، كما يظهر من تبويبة. قال الحافظ: وهو فيما يظهر أظهر. قلت: بل هو غاية الخفاء فضلاً عن أن يكون ظاهراً فضلاً عن أن يكون أظهر لما سيأتي من حديث ابن عمر نفسه في إثبات الرواتب البعدية. وقيل: لعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الرواتب في رحله فلا يراه ابن عمر. وقيل: النفي محمول على الصلاة على الأرض، والإثبات على الدابة. قال الحافظ: وقد جمع ابن بطال بين ما اختلف عن ابن عمر في ذلك بأنه كان يمنع التنفل على الأرض، ويقول به على الدابة. وقيل: الأولى أن يحمل حديث الباب أي عدم الزيادة على ركعتي الفرض على حالة السير وحديث الثبوت على حالة النزول والقرار، وهو المختار من مذهب الحنفية، كما صرح به الدر المختار وفي الكبرى، هو أعدل الأقوال. قلت: قد اختلف العلماء في التنفل في السفر على ستة أقوال: أحدها المنع مطلقاً. الثاني الجواز مطلقاً. الثالث: الفرق بين الرواتب والمطلقة، وهو مذهب ابن عمر، كما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح. الرابع: الفرق بين الليل والنهار في المطلقة. الخامس: الفرق بين الرواتب البعدية وغيرها، فيحمل النفي على الأولى، فلا يتناول ما قبلها ولا النوافل المطلقة. السادس: ما اختاره ابن القيم حيث قال في الهدي (ج١ ص١٣٤) : كان من هديه - صلى الله عليه وسلم - الاقتصار على الفرض، ولم يحفظ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى سنة الصلاة