١٣٤٧- (٦) وعن حفص بن عاصم، قال:((صحبت ابن عمر في طريق مكة، فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم جاء رحله، وجلس، فرأى ناساً قياماً، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون. قال: لو كنت مسبحاً أتممت صلاتي. صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر، وعمر، وعثمان كذلك))
ــ
١٣٤٧- قوله:(وعن حفص بن عاصم) بن عمر بن الخطاب ثقة من الطبقة الوسطى من التابعين (صحبت ابن عمر) أي رافقت عمي عبد الله بن عمر بن الخطاب. (فصلى لنا الظهر ركعتين) قصراً ثم أقبل وأقبلنا معه. (ثم جاء) وفي مسلم: حتى جاء. (رحله) أي منزله ومسكنه. (وجلس) وجلسنا معه، فحانت منه إلتفاتة نحو حيث صلى. (فرأى ناساً قياماً) بكسر القاف جمع قائم أي قائمين للصلاة في المكان الذي صلوا الفرض فيه. (فقال) إنكاراً: (ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون) أي يصلون النافلة، فالسبحة هنا صلاة النفل، (لو كنت مسبحاً) أي مصلياً النافلة في السفر. (أتممت صلاتي) أي المكتوبة. قال السندي: لعل المعنى لو كنت صليت النافلة على خلاف ما جاءت به السنة لأتممت الفرض على خلافها، أي لو تركت العمل بالسنة لكان تركها لإتمام الفرض أحب وأولى من تركها لإتيان النفل، وليس المعنى لو كانت النافلة مشروعة لكان الإتمام مشروعاً حتى يرد عليه ما قيل: إن شرع الفرض تاماً يفضي إلى الحرج، إذ يلزم حينئذٍ الإتمام. وأما شرع النفل فلا يفضي إلى حرج، لكونها إلى خيرة المصلي- انتهى. وقال الحافظ في الفتح: مراد ابن عمر بقوله هذا يعني أنه لو كان مخيراً بين الإتمام وصلاة الراتبة لكان الإتمام أحب إليه، لكنه فهم من القصر التخفيف، فلذلك كان لا يصلي الراتبة ولا يتم. (فكان لا يزيد في السفر على ركعتين) أي في غير المغرب، إذ لا يصح ذلك في المغرب قطعاً. والمعنى لا يزيد نفلاً قبل الفريضة وبعدها. (وأبا بكر) أي وصحبت أبا بكر. (وعمر وعثمان كذلك) أي صحبتهم كما صحبته - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا لا يزيدون في السفر على ركعتين. وفيه دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - واظب على القصر في السفر ولازمه، ولم يصل تماماً. وذكر الموقوف بعد المرفوع مع أن الحجة قائمة بالمرفوع ليبين أن العمل استمر على ذلك، ولم يطرق إليه نسخ ولا معارض ولا راجح، لكن في ذكر عثمان إشكال؛ لأنه كان في آخر أمره يتم الصلاة. وأجيب بما سيأتي في الفصل الثالث من حديث ابن عمر وعثمان صدراً من خلافته. قال في المصابيح: وهو الصواب، ذكره القسطلاني، أو المراد أنه إنما كان يتم إذا كان نازلاً. وأما إذا كان سائراً فيقصر. فلذلك قيده في هذه الرواية بالسفر. وقال الزركشي: ولعل ابن عمر أراد في هذه الرواية أيام عثمان في سائر أسفاره في غير منى؛ لأن إتمامه كان بمنى، كما فسره عمران بن الحصين في روايته. والحديث فيه إشكال آخر، فإنه يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتنفل في السفر. وقد روى ابن عمر