أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناهم من بعدهم، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم- يعني يوم الجمعة-
ــ
عن أبي الزناد بلفظ: ذلك بأنهم أوتوا الكتاب. وقيل: في معناه على أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا. وقيل: مع أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا. قال القرطبي: إن كانت بمعنى "غير" فنصب على الاستثناء، وإن كانت بمعنى "مع" فنصب على الظرف. وقال الطيبي: هي للاستثناء، وهو من باب تأكيد المدح بما يشبه الذم، فإنه يؤكد مدح السابقين بما عقب من قوله: وأوتيناه من بعدهم؛ لأنه أدمج فيه معنى النسخ لكتابهم، فالناسخ هو السابق في الفضل، وإن كان متأخراً في الوجود، وبهذا التقرير يظهر موقع قوله: نحن الآخرون مع كونه أمراً واضحاً، والمعنى نحن السابقون في الفضل غير أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا الخ. فهو من باب: ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب. وأرجع لمزيد التفصيل في تفسير لفظ: بيد، وضبطه إلى تعليق مسند الإمام أحمد (ج٣ص٣٤) للعلامة الشيخ أحمد شاكر. (أوتوا الكتاب) اللام للجنس، والمراد التوراة والإنجيل. والضمير في أوتيناه للقرآن، قاله الحافظ. وقال السندي: اللام للجنس، فيحمل بالنسبة إليهم على كتابهم، وبالنسبة إلينا على كتابنا، وهذا بيان زيادة شرف آخر لنا، أي فصار كتابنا ناسخاً لكتابهم وشريعتنا ناسخة لشريعتهم، وللناسخ فضل على المنسوخ، أو المراد بيان أن هذا يرجع إلى مجرد تقدمهم علينا في الوجود، وتأخرنا عنهم فيه، ولا شرف لهم فيه، أو شرف لنا أيضاً من حيث قلة انتظارنا أمواتاً في البرزخ، ومن حيث حيازة المتأخر علوم المتقدم دون العكس، فقولهم الفضل للمتقدم ليس بكلي-انتهى. (ثم) أتى بها إشعاراً بأن ما قبلها كالتوطئة والتأسيس لما بعدها. (هذا) أي هذا اليوم، وهو يوم الجمعة. (يومهم الذي فرض) بصيغة المجهول. قال الحافظ: كذا للأكثر، وللحموي: فرض الله. (عليهم) أي وعلينا تعظيمه بعينه أو الاجتماع فيه. قال الحافظ: المراد باليوم يوم الجمعة، والمراد بفرضه فرض تعظيمه. وأشير إليه بهذا لكونه ذكر في أول الكلام كما عند مسلم من طريق آخر عن أبي هريرة، ومن حديث حذيفة قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا-الحديث. (يعني يوم الجمعة) كذا في جميع النسخ من طبعات الهند. ووقع متن المرقاة يعني الجمعة أي بحذف بلفظ يوم. قال القاري: تفسير من الراوي لهذا يومهم. وفي نسخة صحيحة: يعني يوم الجمعة أي يريد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اليوم يوم الجمعة-انتهى. قلت: ليس هذا التفسير في الصحيحين ولا عند النسائي، فالله أعلم من أين أخذه البغوي أو هو الذي فسره بذلك. قال القسطلاني: روى ابن أبي حاتم عن السدي: أن الله فرض على اليهود الجمعة فأبوا وقالوا يا موسى! إن الله لم يخلق يوم السبت شيئاً فاجعله لنا فجعل عليهم. وفي بعض الآثار مما نقله أبوعبد الله الآبي أن موسى عليه الصلاة والسلام عين لهم يوم الجمعة وأخبرهم بفضيلته، فناظروه