للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى))

ــ

حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود: أو يمس من طيب امرأته، فعلى هذا فالمعنى إن لم يتخذ لنفسه طيباً فليستعمل من طيب امرأته، وهو موافق لحديث أبي سعيد عند مسلم: ولو من طيب المرأة. وفيه أن بيت الرجل يطلق، ويراد به امرأته، ذكره الحافظ في الفتح. وقال القاري: المراد بقوله من طيب بيته حقيقة بيت الرجل، وهو أعم من أن يكون متزوجاً أو عزباً، ولا ينافيه من طيب امرأته؛ لأن طيبها غالباً من عنده. ويطلق عليه..... أنه من طيب بيته، فإن الإضافة تصح لأدنى ملابسة. ولما كان طيبها غالباً متميزاً عن طيب الرجل متعيناً متبيناً لها أشار عليه السلام أنه ينبغي أن يكون للرجل طيب مختص لاستعماله، وأكد في التطيب يوم الجمعة وبالغ حتى قال: ولو من طيب المرأة. (ثم يخرج) أي إلى المسجد، كما في حديث أبي أيوب عند ابن خزيمة. ولأحمد من حديث أبي الدرداء: ثم يمشي وعليه السكينة. (فلا يفرق) بتشديد الراء المكسورة. (بين اثنين) بالتخطي أو بالجلوس بينهما، ففي حديث عبد الله بن عمرو المذكور: ثم لم يتخط رقاب الناس. وفي حديث أبي الدرداء: ولم يتخط أحداً ولم يؤذه، وهو كناية عن التبكير أي عليه أن يبكر، فلا يتخطى رقاب الناس ولا يزاحم رجلين فيدخل بينهما؛ لأنه ربما ضيق عليهما خصوصاً في شدة الحر واجتماع الأنفاس. قال الزين بن المنير: التفرقة بين اثنين تتناول القعود بينهما، وإخراج أحدهما والقعود مكانه. وقد يطلق على مجرد التخطي، وفي التخطي زيادة رفع رجليه على رؤسهما أو أكتافهما، وربما تعلق بثيابهما شيء مما برجليه. وفي الحديث كراهة التفرقة بين الاثنين. والأكثر على أنها كراهة تنزيه، واختار ابن المنذر التحريم، وبه جزم النووي في زوائد الروضة. (ثم يصلي ما كتب له) أي قدر وقضي له من سنة الجمعة. فيه أن الصلاة قبل الجمعة لا حد لها، وأقله ركعتان تحية المسجد. (ثم ينصت) بضم أوله من أنصت إذا سكت سكوت مستمع. (إذا تكلم الإمام) أي شرع في الخطبة. فيه أن من تكلم حال تكلم الإمام لم يحصل له من الأجر ما في الحديث. وفيه دليل على جواز الكلام قبل تكلم الإمام. (إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى) وفي رواية: ما بين الجمعة إلى الجمعة الأخرى. وفي رواية: حط عنه ذنوب ما بينه وبين الجمعة الأخرى. تأنيث الآخر بفتح الخاء لا بكسرها. والمراد بها الجمعة التي مضت لما في حديث أبي ذر عند ابن خزيمة: غفر له ما بينه وبين الجمعة التي قبلها، ولابن حبان من حديث أبي هريرة: غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام من التي بعدها، ولأبي داود من حديث أبي سعيد وأبي هريرة: كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها. والمراد غفران الصغائر لما زاده في حديث أبي هريرة عند ابن ماجه: ما لم تغش الكبائر. وذلك أن معنى هذه الزيادة أي فإنها إذا غشيت لا تكفر، وليس المراد أن تكفير الصغائر شرطه اجتناب الكبائر، إذ اجتناب الكبائر بمجرده يكفر الصغائر كما

<<  <  ج: ص:  >  >>