١٣٩٤- (٢) وعن أبي هريرة: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من اغتسل، ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له،
ــ
نطق به القرآن في قوله:{إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم}[٤: ٣١] ، أي نمح عنكم صغائركم. ولا يلزم من ذلك أن لا يكفر الصغائر إلا اجتناب الكبائر، وإذا لم يكن للمرء صغائر تكفر رجي له أن يكفر عنه بمقدار ذلك من الكبائر، وإلا أعطي من الثواب بمقدار ذلك، وقد تبين بمجموع ما ذكر من الغسل والتنظيف إلى آخره أن تكفير الذنوب من الجمعة إلى الجمعة مشروط بوجود جميع ما تقدم من غسل وتنظف وتطيب أو دهن ولبس أحسن الثياب والمشي بالسكينة وترك التخطي والتفرقة بين الاثنين وترك الأذى والتنفل والإنصات وترك اللغو. وفي حديث عبد الله بن عمرو: فمن تخطى أو لغا كانت له ظهراً. وفي الحديث مشروعية النافلة قبل صلاة الجمعة لقوله: يصلي ما كتب له، ثم قال: ثم ينصت إذا تكلم الإمام. فدل على تقدم ذلك على الخطبة، وقد بينه أحمد من حديث نبيشة الهذلي بلفظ: فإن لم يجد الإمام خرج صلى ما بدا له. واستدل به على أن التبكير ليس من ابتداء الزوال؛ لأن خروج الإمام يعقب الزوال، فلا يسع وقتاً يتنفل فيه. (رواه البخاري) وأخرجه أيضاً أحمد والنسائي والدارمي والبيهقي (ج٣ص٢٤٢، ٢٤٣) ولفظ النسائي: ما من رجل يتطهر يوم الجمعة كما أمر، ثم يخرج من بيته حتى يأتي الجمعة، وينصت حتى يقضي صلاته إلا كان كفارة لما قبله من الجمعة. ورواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن نحو رواية النسائي. وقال في آخره: إلا كان كفارة لما بينه وبين الجمعة الأخرى ما اجتنبت المقتلة، وذلك الدهر كله.
١٣٩٤- قوله:(من اغتسل) أي للجمعة لحديث: إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل، أو مطلقاً. وفيه دلالة على أنه لا بد في إحرازه لما ذكر من الأجر من الاغتسال، إلا أن في الرواية الآتية بيان أن غسل الجمعة سنة وليس بواجب. وقيل: ليس فيها نفي الغسل، وقد ذكر الغسل في الرواية الأولى، فيحتمل أن يكون ذكر الوضوء في الرواية الثانية لمن تقدم غسله على الذهاب فاحتاج إلى إعادة الوضوء. (ثم أتى الجمعة) أي الموضع الذي تقام فيه الجمعة، كما يدل عليه قوله:(فصلى) أي من سنة الجمعة أو النوافل. (ما قدر له) بتشديد الدال. فيه دليل على مشروعية الصلاة قبل الجمعة، وأنه لا حد لها. وقد ورد في سنة الجمعة التي قبلها أحاديث أخرى ضعيفة. ذكرها الحافظ في الفتح (ج٤ص٥٠٩) ، والزيلعي في نصب الراية (ج٢ص٢٠٦، ٢٠٧) . قال الحافظ: وأقوى ما يتمسك به في مشروعية ركعتين قبل الجمعة عموم ما صححه ابن حبان من حديث عبد الله بن الزبير مرفوعاً: