للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن أخطأه ضل، فلذلك أقول: جف القلم على علم الله)) ، رواه أحمد والترمذي.

١٠٢- (٢٤) وعن أنس قال: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقلت يا نبي الله آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء)) ، رواه الترمذي وابن ماجة.

ــ

خلق على حالة لا ينفك عن الظلمة إلا من أصابه النور الملقي عليه، لكن يتوهم الإشكال في تطبيقه بحديث الفطرة الذي يدل على أن المولود عند الولادة يكون على نور الفطرة، ولا إشكال؛ لأن حديث الفطرة كما حقق إنما يدل على كون الإنسان متهيئاً متمكناً من إصابة الهدى إن تفكر بالنظر الصحيح وتأمل في الآيات والشواهد، ومع ذلك خلق في ظلمات النفس والطبيعة، وهذا الحديث إنما يدل على أن إصابة الهدى إنما هو مشيئة الله وتوفيقه وإلقاء نور الهداية في قلبه، وليس مستقلاً مستبداً بإصابة الهدى، فمن شاء وفقه للنظر الصحيح وألقى نور الهداية كما هو مقتضى الفطرة والروحانية، ومن لم يشأ لم يوفقه وأوقعه في ظلمة الضلال والغواية، كما هو مقتضى النفس والطبيعة الجسمانية، وبالجملة هذا الحديث تنبيه على سابقة التقدير وعلم الله ومشيئته تعالى، والفطرة كما نبهنا هنالك غير سابقة التقدير فلا تنافي بين الحديثين- انتهى. (ومن أخطأه) أي ذلك النور يعني جاوزه ولم يصل إليه (ضل) أي خرج عن طريق الحق. (فلذلك) أي فلأجل عدم تغير ما جرى في الأزل تقديره من الإيمان والكفر والطاعة والمعصية. (أقول جف القلم) أي فرغت الكتابة، إشارة إلى أن الذي كتب وقدر لا يتغير حكمه، فهو كناية عن الفراغ من الكتابة؛ لأن الصحيفة حال كتابتها تكون رطبة أو بعضها وكذلك القلم، فإذا انتهت الكتابة جف الكتابة والقلم. (على علم الله) أي على حكمه؛ لأن معلومه لا بد أن يقع، فعلمه بمعلوم يستلزم الحكم بوقوعه. وقال القاري: أي على ما علم الله وحكم به في الأزل لا يتغير ولا يتبدل وجفاف القلم عبارة عنه. (رواه أحمد) (ج٢:ص١٩٧، ١٧٦) ، (والترمذي) في أواخر الإيمان، وقال: "حديث حسن"، وأخرجه أيضاً ابن حبان وصححه والحاكم مطولاً وقال: "صحيح على شرط الشيخين"، وابن جرير والبيهقي.

١٠٢- قوله: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر) من الإكثار (يا مقلب القلوب) أي مصرفها تارة إلى الطاعة وتارة إلى المعصية وتارة إلى الحضرة وتارة إلى الغفلة. (فهل تخاف علينا؟) يعني أن قولك هذا ليس لنفسك؛ لأنك في عصمة من الخطأ والزلة خصوصاً من تقلب القلب عن الدين، وإنما المراد تعليم الأمة فهل تخاف علينا من زوال نعمة الإيمان أو الانتقال من الكمال إلى النقصان؟ (قال: نعم) أي أخاف عليكم (إن القلوب بين إصبعين) إلخ تقدم الكلام فيه (يقلبها كيف يشاء) مفعول مطلق أي تقليباً يريده أو حال من الضمير المنصوب، أي يقلبها على أي صفة شاءها أي بقضائه وقدره. (رواه الترمذي) في القدر وقال: حديث حسن صحيح (وابن ماجه) في الدعاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>