للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٣- (٢٥) وعن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مثل القلب كريشة بأرض فلاة يقلبها

الرياح ظهراً لبطن)) ، رواه أحمد.

١٠٤- (٢٦) وعن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله بعثني بالحق، ويؤمن بالموت، والبعث بعد الموت، ويؤمن بالقدر)) ، رواه الترمذي،

ــ

١٠٣- قوله: (مثل القلب) أي صفة القلب العجيبة الشأن، وورد ما يرد عليه من عالم الغيب من الدواعي وسرعة تقلبه بسببها. (كريشة) أي كصفة (بأرض) بالتنوين، وقيل: بالاضافة (فلاة) أي مفازة خالية من النبات، وهي صفة، قيل: ذكر الأرض مقحم؛ لأن الفلاة تدل عليها، فالمقصود التأكيد لدفع التجوز كما في "أبصرتها بعيني" وتخصيص الفلاة؛ لأن الرياح أشد تأثيراً فيها من العمران. (يقلبها الرياح) صفة أخرى لريشة، وجمع الرياح للدلالة على ظهور التقليب، إذ لو استمر الريح على جانب واحد لم يظهر التقلب. (ظهراً لبطن) أي وبطناً لظهر، يعني كل ساعة يقلبها على صفة، فكذا القلب ينقلب ساعة من الخير إلى الشر وبالعكس، وقوله: "ظهراً" بدل البعض من الضمير في يقلبها، واللام في "لبطن" بمعنى إلى، ويجوز أن يكون "ظهراً لبطن" مفعولاً مطلقاً أي تقليباً مختلفاً، وأن يكون حالاً، يعني مقدرة أي يقلبها مختلفة كذا في المرقاة. (رواه أحمد) (ح٤:ص٤٠٨) بسند حسن، لكن بغير هذا اللفظ، وإنما رواه به صاحب الأصل (البغوي) في شرح السنة (١٤) ، وأخرجه أيضاً أحمد (ج٤:ص٤١٩) وابن ماجة في السنة، وفي سنده عندهما يزيد الرقاشي وهو ضعيف، وأخرج البزار نحوه عن أنس.

١٠٤- قوله: (لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع) هذا نفي لأصل الإيمان لا نفي لكماله، فمن لم يؤمن بواحد من هذه الأمور الأربعة لم يكن مؤمناً، ويلزم منه أن يكون القدري كافراً، وهو خلاف ما عليه الجمهور، وسيأتي الكلام في هذا. (يشهد) منصوب على البدل من قوله:"يؤمن"، وقيل: مرفوع تفصيل لما سبقه، أي يعلم ويتيقن. (بعثني بالحق) استئناف كأنه قيل: "لم يشهد"؟ فقال: "بعثني بالحق" أي إلى كافة الجن والإنس، ويجوز أن يكون حالاً مؤكدة أو خبراًً بعد خبر، فيدخل على هذا في حين الشهادة. (ويؤمن بالموت) بالوجهين، وهو الثاني من الأمور الأربعة. قال المظهر: أي يعتقد بفناء الدنيا، وهو احتراز عن مذهب الدهرية القائلين بقدم العالم وبقائه أبداً. قال القاري: وفي معناه التناسخي، ويحتمل أن يراد اعتقاد أن الموت يحصل بأمر الله لا بفساد المزاج، كما يقوله الطبيعي. (والبعث) أي ويؤمن بوقوع البعث بعد الموت، هذا هو الثالث، وتكرير الموت إيذان للاهتمام بشأنه. (ويؤمن) بالوجهين (بالقدر) يعني أن جميع ما يجرى في العالم بقضاء الله وقدره، وفيه دليل على أن الإيمان بالقدر ركن من أركان الدين. (رواه الترمذي) في القدر ورجاله رجال

<<  <  ج: ص:  >  >>