١٠٥- (٢٧) وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب: المرجئة، والقدرية)) .
ــ
الصحيح، (وابن ماجة) في السنة، وأخرجه أيضاً أحمد (ج١:ص٩٧) ، والحاكم وصححه على شرطهما، ووافقه الذهبي.
١٠٥- قوله:(صنفان) أي نوعان، وهو مبتدأ خبره قوله: ليس لهما إلخ (من أمتي) صفة أي أملة الإجابة (ليس لهما في الإسلام نصيب) أي حظ. (المرجئة) خبر مبتدأ محذوف أي "هما" وقيل بدل من صنفان، ويجوز الجر على أنه بدل من ضمير لهما، والنصب بتقدير "أعني" مشهور في مثله، والمرجئة اسم فاعل من أرجأت الأمر بالهمزة وأرجيت بالياء أي أخرت، وهم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، سموا بذلك لاعتقادهم أن الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي، أي أخره عنهم وبعده، وقيل: هم الجبرية القائلون بأن إضافة الفعل إلى العبد كإضافته إلى الجمادات، سموا بذلك؛ لأنهم يؤخرون أمر الله ونهيه عن الاعتداد بهما ويرتكبون الكبائر، وقيل هم الذين يقولون: الإيمان قول وتصديق بلا عمل، فيؤخرون العمل عن القول والتصديق. وقال الشهرستاني: الإرجاء على معنيين: أحدهما التأخير، قالوا: أرجه، أي أمهله وأخره. والثاني: إعطاء الرجاء. أما إطلاق إسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأول فصحيح؛ لأنهم كانوا يؤخرون العمل عن النية والقصد، وأما بالمعنى الثاني فظاهر فإنهم كانوا يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة. وقيل: الإرجاء تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى القيامة، فلا يقضى عليه بحكم ما في الدنيا من كونه من أهل الجنة أو من أهل النار، قال: والمرجئة أصناف أربعة: مرجئة الخوارج، ومرجئة القدرية، ومرجئة الجبرية، ومرجئة الخالصة، ثم ذكر مقالات المرجئة الخالصة، من شاء الوقوف عليها رجع إلى الملل والنحل، والظاهر أن المراد في الحديث مرجئة الجبرية. (والقدرية) بفتحتين أو سكون الدال، هم الذين يقولون: إن العبد خالق لأفعاله والأمر أنف من غير سبق قضاء وتقدير، واشتهر بهذا الاسم من لا يقول بالقدر لأجل أنهم تكلموا في القدر وأقاموا الأدلة بزعمهم على نفيه، وتوغلوا في هذه المسئلة حتى اشتهروا بهذا الإسم، وبسبب توغلهم وكثرة اشتغالهم صاروا هم أحق بهذه النسبة من غيرهم، فلا يرد أن المثبت أحق بهذه النسبة من النافي، على أن الأحاديث صريحة في أن المراد ههنا النافي، قاندفع توهم القدرية أن المراد في هذا الحديث المثبت للقدر لا النافي. هذا، وربما يتمسك بالحديث من يكفر الفريقين، قال ابن حجر المكي الهيثمي الشافعي: من أطلق تكفير الفريقين أخذاً بظاهر الحديث فقد استروح، بل الصواب عند الأكثرين من علماء السلف والخلف أنا لا نكفر أهل البدع والأهواء إلا إن أتوا بكفر صريح لا استلزامي؛ لأن الأصح أن لازم المذهب ليس بلازم، ومن ثم لم يزل العلماء يعاملونهم معاملة المسلمين في نكاحهم وإنكاحهم والصلاة على موتاهم ودفنهم في مقابرهم؛ لأنهم وإن كانوا مخطئين غير معذورين حقت عليهم كلمة الفسق