منها. ورجل حضرها بدعاء، فهو رجل دعا الله، إن شاء أعطاه وإن شاء منعه. ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم، ولم يؤذ أحداً، فهي كفارة إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بأن الله يقول:{من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} رواه أبوداود.
١٤١٠- (١٨) وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب، فهو كمثل الحمار
ــ
حظ ذلك الرجل. (منها) أي من الجمعة، أي ليس له نصيب من صلاة الجمعة وخطبتها وإن سقطت الفريضة عنه. وقال ابن حجر: أي لا حظ له كامل؛ لأن اللغو يمنع كمال ثواب الجمعة. ويجوز أن يراد باللغو ما يشمل التخطي والإيذاء بدليل نفيه عن الثالث أي فذلك الأذى حظه. (ورجل حضرها بدعاء) أي مشتغلاً به حال الخطبة حتى منعه ذلك من أصل سماعه أو كماله أخذاً من قوله: "في الثالث" بإنصات وسكوت. وفي أبي داود: يدعو بلفظ المضارع. (إن شاء أعطاه) أي مدعاة لسعة حلمه وكرمه. (وإن شاء منعه) عقاباً على ما أساء به من اشتغاله بالدعاء عن سماع الخطبة، فإنه مكروه عندنا حرام عند غيرنا، قاله ابن حجر. (ورجل حضرها بإنصات) أي مقترناً باستماع للخطبة. (وسكوت) عن اللغو. وقيل: هما بمعنى، وجمع بينهما للتأكيد ومحله إذا سمع الخطبة. (ولم يؤذ أحداً) أي بنوع آخر من الأذى كالإقامة من مكانه أو القعود على سجادته بغير رضاه. (فهي) أي جمعته الشاملة للخطبة والصلاة والأوصاف المذكورة. (كفارة) أي له، قاله الطيبي. يعني لذنوبه من حين انصرافه. (إلى الجمعة التي) أي إلى مثل تلك الساعة من الجمعة التي (تليها) أي تقربها. وهي التي قبلها على ما ورد منصوصا. (وزيادة ثلاثة أيام) بالجر عطف على الجمعة. (وذلك) أي ما ذكر من كفارة ما بين الجمعتين من السبعة وزيادة ثلاثة أيام. (رواه أبوداود) وسكت عليه. وقال العراقي: إسناده جيد. وأخرجه أيضاً أحمد (ج٢ص١٨١، ٢١٤) وابن خزيمة في صحيحه، والبيهقي (ج٣ص٢١٩) وابن أبي حاتم وابن مردويه.
١٤١٠- قوله:(من تكلم) ظاهره المنع من جميع أنواع الكلام من غير فرق بين ما لا فائدة فيه وغيره لإطلاق الكلام فيه. ويؤيده أنه إذا جعل قوله: أنصت مع كونه أمراً بمعروف لغواً، كما تقدم، ومحبطاً لفضيلة الصلاة فغيره من الكلام أولى بأن يسمى لغواً. وقد ذهب إلى تحريم كل كلام الجمهور، ولكن قيد ذلك بعضهم بالسامع للخطبة، والأكثر لم يقيدوا. قالوا: وإذا أراد الأمر بالمعروف فليجعله بالإشارة. (والإمام يخطب) أي والمتكلم يعلم كراهة الكلام أو حرمته، وهذا لأجل قوله. (فهو كمثل الحمار) أي صفته كصفة أو مثله